للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الذي تقوم به أنت وأشباهك في بلاد المسلمين لا يتجاوز حدود النقل والاتباع والتقليد، النقل عن الغربيين نقلًا حرفيًا في أكثر الأحيان، ونقلًا فكريًا واعتقاديًا في كل الأحيان، والاتباع الذي يستند إلى مقولات خائفة منهزمة، تتمثل في أن الغرب متقدم ماديًا فلابد أن يكون متقدمًا فكريًا واعتقاديًا وسلوكيًا، فلابد من اتباعه في أفكاره وعقائده وأخلاقه لتنال ما نال من تقدم!!.

والتقليد والمحاكاة التي ظهرت في المذاهب الأدبية والعبارات الشعرية والمدارس النقدية والمناهج الفكرية بل وحتى في الشكل والهيئة واللباس والزي.

إنها حالات انصهار كامل وامحاء تام يمارسه هؤلاء باسم التحديث والتقدم والحرية الفكرية، ثم يحلو لهم بعد ذلك القول بأنهم أصحاب تفكير مستقل، ونظرة حيادية، وموضوعية فكرية!!.

إن ثلاثية النقل والاتباع والتقليد الحداثي الذي غرق فيه هؤلاء، وتشبعوا به غاية التشبع، لا تتيح لهم أدنى مجال للنظر والتأمل في ما عند خصومهم من أهل الإيمان والإسلام من حق وبرهان ويقين وسلطان.

بل انعكست عقولهم غاية الانعكاس، وتدهورت أفهامهم إلى النهاية حين آمنوا بالخرافة وجحدوا الحق، وأيقنوا بالمحالات وأنكروا اليقين، واستسلموا للشبهات وفروا من البراهين، واتبعوا الباطل، وابتعدوا عن الحق: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} (١).

إن الزمن اللانهائي حسب تعبير إحسان عباس (٢) والزمن المتقدم باطراد حسب رأي جابر عصفور (٣) ليست سوى صور تعبيرية جديدة لمذهب الدهرية القديم، أضاف إليه هؤلاء تفسيرات إلحادية من نوع قول جابر


(١) الآية ١٨ من سورة الحج.
(٢) انظر: اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ٦٨.
(٣) انظر: الإسلام والحداثة: ص ١٨١ - ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>