عصفور أن مقولة الزمن عند المسلمين مرتبطة بالجبر وبقضية العلة والمعلول، وكلا الأمرين يجعلان الزمن يسقط نفسه ميتافيزيقيًا على الإنسان، حتى تصبح حركة الزمن في المفهوم الإسلام -في نظره- أشبه بمحلك لسر، والزمن بهذا المفهوم والقدر والجبر الميتافيزيقي كلها تنحدر بحركة الإنسان سلبًا نحو الأسفل (١).
إلى آخر خرافاته الجاهلية التي تأبى عليه إلّا قلب الحقائق وإنكار اليقينيات واتباع الظن وما تهواه الأنفس، على طريقة أهل الجاهلية الأولى، الذين يعتبر هؤلاء من أبرز وراثها وأشهر أتباعها في هذه الأزمان.
يقول سيد قطب -رحمه اللَّه تعالى-: (والذين يفترون على عقيدة الحياة الآخرة فيقولون: إنها تدعو الناس إلى السلبية في الحياة الدنيا، وإلى إهمال هذه الحياة، وتركها بلا جهد لتحسينها وإصلاحها، وإلى تركها للطغاة والمفسدين، تطلعًا إلى نعيم الآخرة، الذين يفترون هذا الافتراء على عقيدة الآخرة يضيفون إلى الافتراء الجهالة! فهم يخلطون بين عقيدة الآخرة -كما هي في التصورات الكنيسية المنحرفة- وعقيدة الآخرة كما هي في دين اللَّه القويم. . فالدنيا -في التصور الإسلامي- هي مزرعة الآخرة، والجهاد في الحياة الدنيا لإصلاح هذه الحياة، ورفع الشر والفساد عنها، ورد الاعتداء عن سلطان اللَّه فيها، ودفع الطواغيت وتحقيق العدل والخير للناس جميعًا. . كل أولئك هو زاد الآخرة، وهو الذي يفتح للمجاهدين أبواب الجنة، ويعوضهم عما فقدوا في صراع الباطل، وما أصابهم من الأذى. . فكيف يتفق لعقيدة هذه تصوراتها أن يدع أهلها الحياة تركد وتأسن أو تفسد وتختل، أو يشيع فيها الظلم والطغيان، أو تتخلف في الصلاح والعمران. . وهم يرجون الآخرة، وينتظرون فيها الجزاء من اللَّه؟.
إن الناس إذا كانوا في فترات من الزمان يعيشون سلبيين، ويدعون الفساد والشر والظلم والطغيان والتخلف والجهالة تغمر حياتهم الدنيا -مع