للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لمقاطع من كلام أدونيس التي يرى إحسان عباس أن شخصياته التي وظفها في شعره شخصيات خالدة لا تفنى ولا تتبدل، تستعصي على الموت، ويضرب لذلك مثالًا بزيد بن الحسين ومهيار (١)، ويلخص إحسان عباس عقيدة أدونيس الدهرية في قوله: (ليس للزمن وجود ذاتي متميز عند أدونيس، وإنّما هو مجال، ساحة لدينامية الإنسان امتداد. . . إنه لا يحاول أن يرى سوى الصيرورة المستمرة وحياة التحولات في أقاليم الليل والنهار، إن أدونيس لا يبحث زمنًا ضائعًا. . . وإنّما يلاحق زمنًا لم يولد بعد، بل إن قولنا: لم يولد بعد مجاز؛ لأن الإنسان متحد به، وهو في صيرورته المستمرة يرسم له أبعاده) (٢).

ثم يشخص هذا التصور عند أدونيس في "مهيار" الذي يرى إحسان عباس أنه قد أصبح عند أدونيس "إلهًا" له قدرة على توجيه الحياة الإنسانية، وتكييف الإنسان بقدرة يسميها الناس خارقة (٣).

ويلخص إحسان عباس دراسته للزمن عند هؤلاء وغيرهم في الفرق بين الزمن الرومنطيقي الخالص وأحيانًا الميتافيزيقي كما هو الحال عند نازك والسياب، وبين زمن قائم على الصيرورة المستمرة، يفعل فيه الإنسان ويتفاعل به (٤).

هذه الملخصات الاعتقادية التي حشدها إحسان عباس واستشهد لها من كلام كبار رؤوس الحداثة تدلنا بجلاء على مدى التباين بين عقيدة الإسلام نحو الزمان في الدنيا والآخرة، وعقيدة الحداثة نحو الزمان الدنيوي السرمدي المتواصل المتحول الذي لا ينتهي مطلقًا!! وهي العقيدة التي أوصلتهم في ختام الأمر إلى هذا التلبط الهابط بالدنيا وما فيها، وهذا الارتكاس الأهوج في الأعمال والسلوك والأخلاق، لقد أصبحوا بهذه العقيدة الباطلة سجناء


(١) انظر: المصدر السابق: ص ٨١.
(٢) المصدر السابق: ص ٨١ - ٨٢.
(٣) انظر: المصدر السابق: ص ٨٢.
(٤) المصدر السابق: ص ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>