للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - أن كل أحد من العقلاء يعلم بداهة الفرق بين العمل الاختياري والإجباري، فالاختياري يستطيع التخلص منه، وكل فاعل يحس أنه يفعل الشيء أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، وذلك دليل إرادته واختياره.

٢ - أن اللَّه تعالى وجه إلى المكلفين أوامر ونواهي، ولو لم يكن للمكلف اختيار وقدرة، لكان الأمر والنهي الموجه إليه من التكليف بما لا يستطاع، وهو أمر تأباه حكمة اللَّه ورحمته.

٣ - أن اللَّه مدح الطائع ووعده بالثواب، وذم العاصي وأوعده بالعقاب، ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح الطائع وإثابته عبثًا وذم العاصي وعقابه ظلمًا، واللَّه تعالى منزه عن العبث والظلم.

٤ - أن اللَّه تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لبيان طريق الخير والأمر به وإيضاح طريق الشر والنهي عنه، ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره لما كان هناك فائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب.

٥ - أن اللَّه تعالى أمر العبد ونهاه، ولم يكلفه إلّا ما يستطيع، كما قال -جلَّ ذكره-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (١)، وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٢) ولو كان العبد مجبرًا على الفعل لكان مكلفًا بما لا يستطيع الخلاص منه، وهذا باطل.

٦ - أن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن اللَّه تعالى قدّرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر اللَّه تعالى إلّا بعد وقوع القدر {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} (٣) فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها حين اعتذر بها؟ إذ قدر اللَّه تعالى سر مكتوم لا يُعلم إلّا بعد


(١) الآية ١٦ من سورة التغابن.
(٢) الآية ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٣٤ من سورة لقمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>