للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوع المقدور، وإرادة العبذ لما يفعله سابقه على فعله، فتكون إرادته الفعل غير مبنية على علم منه بقدر اللَّه.

٧ - يقال للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدرًا أن اللَّه تعالى قد كتبها لك؟.

فالإنسان له قدرة وإرادة واختيار ومشيئة وتمييز بين الخير والشر والحق والباطل والحسن والقبيح، ولا يؤاخذه اللَّه إذا انعدمت قدرته أو زال اختياره.

إذن فالعمل الذي يعمله الإنسان من خير أو شر هو من قدر اللَّه تعالى وهو بإرادة الإنسان واختياره، ولذلك قال اللَّه تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)} (١).

ولما أخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن اللَّه كتب مصير كل نفس من الجنة والنار، قال أحد الصحابة أفلا نترك العمل اتكالًا على ما في القدر، قال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، ثم تلا قول اللَّه تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)} (٢) " (٣).

وقد اتفقت جميع الكتب السماوية والسنة النبوية على أن القدر السابق لا يمنع العمل ولا يوجب الاتكال، بل يوجب الاجتهاد والجد والحرص على عمل الصالحات، وقد ذكر اللَّه تعالى احتجاج المشركين بقدر اللَّه ومشيئته على شركهم، ورد عليهم وأبطل حجتهم، وذلك في قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ


(١) الآية ١٠٥ من سورة التوبة.
(٢) الآيات ٥ - ١٠ من سورة الليل.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: قوله: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)} ٤/ ١٨٩٠، ومسلم في كتاب القدر، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه ٣/ ٢٠٣٩، وأبو داود في السنة، باب: في القدر ٥/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>