للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)} (١).

وهذه الآية تتضمن الرد على احتجاج المشركين من عدة أوجه منها:

١ - أنهم أشركوا أي اختاروا طريق الشرك والضلال وتنكبوا طريق، الهداية والحق، ومن كان هذا اختياره فالعدل أن ينال جزاءه الموافق لفعله، فكيف يصح له أن يحتج بالقدر؟.

٢ - أن احتجاجهم بالقدر على شركهم وتشريعهم غير شرع اللَّه في التحليل والتحريم احتجاج باطل زائف؛ وذلك لأنهم لا يعلمون ما هو قدرُ اللَّه تعالى قبل صدور تلك الأفعال منهم، إذ أن قدره ومشيئته الكونية غيب لا يعلمها قبل وقوعها إلّا هو سبحانه وتعالى، فكيف يصح أن يحتجوا بحجة لا يعلمونها قبل إقدامهم على هذا الأفعال الشنيعة؟ ولهذا قال تعالى: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} (٢).

٣ - هل يصح أن يقدم الإنسان على القتل أو السرقة ويتوجه إلى ذلك قائلًا: كتب اللَّه عليّ ذلك فأنا ذاهب لأقتل أو أسرق؟ هل اطلع على قدر اللَّه حتى يعلم ما كتب اللَّه عليه في اللوح المحفوظ؟ وهو مخاطب ومأمور بترك القتل والسرقة.

٤ - ولماذا لا يقبلون هداية اللَّه ودلالاته ويقبلون على طاعته مقدرين أن اللَّه تعالى قد كتب عليهم الطاعة؟ إذ لا فرق هنا بين المعصية والطاعة، من حيث الجهل بقدر اللَّه قبل وقوع الفعل من العبد.

إذًا فليس مع هؤلاء وأشباههم من حجة ولا علم ولا برهان، بل يتبعون الظن وما تهواه الأنفس وللَّه الحجة البالغة.


(١) الآيتان ١٤٨، ١٤٩ من سورة الأنعام.
(٢) الآية ١٤٨ من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>