للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإرادة اللَّه تعالى تنقسم إلى قسمين: كونية وشرعية، فالكونية هي التي بمعنى المشيئة مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} (١) فما شاء اللَّه كونه فهو كائن بقدرته لا محالة.

والشرعية هي التي بمعنى المحبة كقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُ} (٢) فالكونية يلزم فيها وقوع المراد ولا يلزم أن يكون محبوبًا للَّه تعالى، وأمَّا الشرعية فيلزم أن يكون المراد فيها محبوبًا للَّه ولا يلزم وقوعه.

والشر لا ينسب إلى اللَّه تعالى؛ لأنه الرحمن الحكيم، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والشر ليس إليك" (٣) فلكمال رحمته وحكمته لا ينسب الشر إلى قضائه تعالى إذ ليس فيه شر أبدًا.

وإنّما يكون الشر في مقضياته كما جاء في دعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وقني شر ما قضيت" (٤)، فأضاف الشر إلى ما قضاه سبحانه، ومع هذا فإن الشر في المقضيات ليس شرًا خالصًا محضًا بل هو شر في محله من وجه خير من وجه، أو شر في محله خير في محل آخر (٥).


(١) الآية ٨٢ من سورة يس.
(٢) الآية ٢٧ من سورة النساء.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه ١/ ٥٣٤، والترمذي في كتاب الدعوات باب رقم ٣٢، ٥/ ٣٤٢٢، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء ١/ ٤٨١.
(٤) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب: ما جاء في القنوت في الوتر ١/ ٣٢٨، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب: القنوت في الوتر ٢/ ١٣٣، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء في القنوت في الوتر ١/ ٣٧٢، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب: الدعاء في الوتر ٣/ ٢٤٨.
(٥) انظر تفصيل هذه القضايا في: معارج القبول ٢/ ٢٦٦ - ٣٢٦، وشرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين: ص ٥١ - ٥٦، وعقيدة أهل السنة والجماعة له: ص ٣٢ - ٣٨، وشرح أصول الإيمان له: ص ٥٣ - ٦٠، وشرح العقيدة الواسطية له ٢/ ١٨٧ - ٢٠٨، والقضاء والقدر لعمر الأشقر، والإيمان لمحمد نعيم ياسين: ص ١٥٧ - ١٨٠، وشرح الواسطية لمحمد خليل هراس وعبد الرزاق عفيفي: ص ١٥١ - ١٦٠، =

<<  <  ج: ص:  >  >>