الأصنام، فإن كل القيم والاعتبارات الأخرى تداس في سبيله وتنتهك العقائد والقيم والأخلاق والأعراض والنظم والأسرة والضوابط والضمانات، كل هذه إذا تعارضت مع المادية وأوثانها وسدنتها فيجب أن تمحى وتزال وتمحق وتنتقص!!.
فماذا تكون الأصنام إن لم تكن هذه؟ إنه ليس حتمًا أن يكون الصنم حجرًا أو شجرًا أو جنًا، بل قد يكون الصنم مذهبًا أو منهجًا أو قيمة أو اعتبارًا أو لافتة أو لقبًا أو شخصًا أو نظامًا (١) إلى غير ذلك، ما دام متصفًا بأنه متبوع أو معبود أو مطاع من دون اللَّه تعالى.
ومن لا يفقه هذه الحقيقة على وجهها فإنه بلا ريب لم يفقه التوحيد ولم يفهم الإيمان ولم يعرف الإسلام!!.
وما أكثر الذين ينتسبون إلى الإسلام ولكنهم لا يفهمون هذه الحقيقة الأولية حق الفهم، ولا يدركون هذا المعنى العميق بالإيمان حق الإدراك، ولذلك تجدهم في ريبهم يترددون، وخاصة عندما تدق الجاهلية المعاصرة طبول إعلامها وأزلامها، في إشادة وتبجيل للماديات ونتاجها وقيمها واعتباراتها ومناهجها التي تسعى إلى تدمير مبادئ التوحيد والإيمان والولاء والبراء، ومقتضيات ولوازم هذه المبادئ العظيمة.
إن جحد هؤلاء ونفيهم لوجود قدر كوني يحكم هذه المخلوقات لهو أعظم دليل على مقدار العته الذي أصيبت بهم عقولهم المظلمة.
إن التناسق والانتظام والتكامل والانضباط الموجود والمحسوس في هذا الكون والحياة والمخلوقات هي أعظم دليل على أن كل شيء محكوم بقدر يحدد حقيقته وصفته ومساره ومقداره وحركته وسكونه وارتباطه بسائر ما حوله.
إن هذه الحقيقة العميقة الكبيرة الظاهرة غابت عن عقول الملاحدة الماديين، على رغم ادعائهم المتواصل بالعقلانية.