للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(على أن الأمر أعظم من هذا كله وأشمل في التقدير والتدبير، إن حركة هذا الكون كله بأحداثها ووقائعها وتياراتها مقدرة مدبرة صغيرها وكبيرها، كل حركة في التاريخ ككل انفعال في نفس فرد، ككل نفس يخرج من صدر! إن هذا النفس مقدر في وقته، مقدر في مكانه، مقدر في ظروفه كلها، مرتبط بنظام الوجود وحركة الكون، محسوب حسابه في التناسق الكوني، كالأحداث العظام الضخام!) (١).

وإذا أردنا أن نتعرف على مدى الانحدار الفكري والاعتقادي في باب القضاء والقدر الذي وصل إليه أتباع الحداثة من خلال نفيهم لقدرة اللَّه تعالى وإرادته النافذة ومشيئته التي لا تحد؛ فلنطلع على بعض من هرائهم في هذا:

من ذلك: ما وضعه النصيري الوثني "أدونيس" في تلمود الحداثة "الثابت والمتحول" من قواعد كفرية سار على منوالها الأتباع العمي الذين لا يعقلون، ومن هذه القواعد قوله: (. . . وسواء تحركت القصيدة الجديدة في مستوى اجتماعي، أو مستوى نفسي أو مستوى استعادي - ذكروي، فهي تتحرك في إطار هذا الزمن، الزمن القدر/ الخارجي. هذا المفهوم للزمن يبقينا في إطار النظرة التقليدية القائلة بأن الآلام والشرور "طبيعية" لا يُمكن الخلاص منها، والنظرة الجديدة "الشعرية" هي التي تقول بأن الآلام والشرور "غير طبيعية" ولذلك يُمكن الخلاص منها، النظرة الجديدة هي الخروج من قدر الطبيعة والدخول في إرادة الإنسان، هي الخروج من الثبات إلى التحول، هي الخروج من الصراعات والتناقضات الذهنية، والدخول في عالم الصراعات والتناقضات الحياتية، هي الإيمان بأن الإنسان قادر على تغيير نفسه والعالم معًا قادر على صنع التاريخ، والقصيدة الجديدة هي التي تكون من هذه الشرفة، مسرحًا للعالم) (٢).

إن هذا القول المتولد من المادية الإلحادية ليس سوى دعاوى مفتقرة


(١) في ظلال القرآن ٦/ ٣٤٤٠.
(٢) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>