إلى أدنى بينة أو دليل، وإلّا كيف يُمكن الخروج من إطار القضاء والقدر؟ هل يُمكن تحويل الشمس عن مجراها؟ أو النجوم عن مسارها؟ أم هل يُمكن إخراج الحياة الكونية المترابطة من أصغر ذراتها إلى أكبر أفلاكها من إطار التسخير الرباني والتقدير الإلهي؟.
إن استطاع أدونيس وكل أشباهه وأتباعه أن يفعلوا ذلك فليفعلوه!!.
ثم لماذا يربط نظرته المادية الجامدة بقضية التحول والتقدم؟ وهي في الحقيقة نظرة لا تبتعد قيد أنملة عن مطالب الأرض وحظوظ الأرض ومقاصد الحيوان!!.
أليست هذه هي النظرة الجامدة اليابسة المنحطة، التي تأبى الرقي إلى أفق التوحيد والإيمان الأعلى والأرقى الذي يخلص الإنسان من وحول الماديات ويرتفع به إلى قمم سامقة عالية منيفة لا يُمكن للمادي الملحد أن يحلم بها فضلًا عن أن يعيشها أو يمارسها أو يذوق حلاوتها!!.
أمَّا القول بأن الإنسان قادر على تغيير نفسه والعالم معًا وعلى صنع التاريخ، فهذه فكرة مسروقة عن المادية الجدلية المتمثلة في الماركسية، التي تقول بحتمية صراع الطبقات ثم حتمية التقدم نحو النمط المسمى "ديكتاتورية البلوريتاريتا" وهي فكرة ساقطة أثبتت الحوادث والأيام أنها مجرد وهم وخرافة تداعت بتداعي بنيان دولة الإلحاد المادي الشرقي "الاتحاد السوفيتي" بيد أن فكرة أن الإنسان قادر على تغيير نفسه والعالم ليست مقتصرة على مذهب ذوي العاهات الفكرية "الماركسية"، بل هي أصل لجميع المذاهب المادية في الغرب، وقد استنسخها أدونيس فيما استنسخ من أفكار وعقائد ثم جاء بها تحت مضلات مخادعة.
فما الذي نتج من خلال هذا الزعم المادي القائل بالقدرة المطلقة للإنسان في تغيير نفسه والعالم؟.
إن الذي حدث هو التسارع المفرط في درب الانحطاط البهيمي الحيواني فتحول الإنسان إلى جهاز آلي أو كتلة حيوانية!!.