للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثقافة مجتمع ما هي نوع من الثقل المقابل لضغوط الاجتماعية. . . فنحن نعيش في حضارة ذات ثقافة مادية أساسيًا) (١).

ويقول: (. . . وفي يومنا هذا، فالجريمة المنحرفة المثالية تأتي غالبًا من السأم وتدعى "جريمة السأم" أي الجريمة التي ليس لها أي دافع معين والتي تنتج عن "الجريمة الزائدة" وعن فقدان أي إحساس بالهدف) (٢).

لقد فقدوا الإطار الإيماني الذي يضبط الحياة والنفس ويسيّر الجميع في توافق وانسجام، لقد فقدوا التصور الصحيح للغاية من الوجود الإنساني ولأهداف الحياة الإنسانية (وحين تقاس غاية الوجود الإنساني وأهداف الحياة الإنسانية في ذهن الرجل المتحضر المعاصر، إلى التصور الإسلامي في هذا الجانب، تبدو هذه الحضارة في غاية القزامة! بل تبدو لعنة تحط من تصور الإنسان لنفسه ومقامه في هذا الوجود، وتسفل به، وتصغر من اهتماماته ومن أشواقه! والخواء يأكل قلب البشرية المكدود والحيرة تهدد روحها المتعبة. . إنها لا تجد اللَّه. . لقد أبعدتها عنه ملابسات نكدة، والعلم الذي كان من شأنه، لو سار تحت منهج اللَّه، أن يجعل من كل انتصار للبشرية في ميدانه خطوة تقربها من اللَّه، هو ذاته الذي تبعد به البشرية أشواطًا بسبب انطماس روحها ونكستها، انها لا تجد النور الذي يكشف لها غاية وجودها الحقيقية فتنطلق إليها مستعينة بهذا العلم الذي منحه اللَّه لها ووهبها الاستعداد له، ولا تجد النظام الذي ينسق بين طاقاتها وقواها، وآخرتها ودنياها، وأفرادها وجماعاتها، وواجباتها وحقوقها، تنسيقًا طبيعيًا شاملًا مريحًا. . وهذه البشرية هي التي يعمل ناس منها على حرمانها من منهج اللَّه الهادي، وهم الذين يسمون التطلع إلى هذا المنهج "رجعية"! ويحسونه مجرد حنين


= الثاني، وهي مشتقة من اسم المركيز الفرنسي في ساد الذي كتب مطولًا في هذا الموضوع وارتكب العديد من جرائم الجنس ويقابل السادية المازوكية. انظر: موسوعة علم النفس: ص ١٣٦.
(١) أصول الدافع الجنسي: ص ٢٥٧.
(٢) المصدر السابق: ص ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>