للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، ويجعلها ميزانًا يزن بها أمور العقل والمنطق والحق والبرهان، إلّا أن يكون في انحدار بهيمي دائم، وانزلاق مادي متواصل يقوده هو وأشباهه نحو الحضيض فكرًا وعقيدة وسلوكًا؛ لأن الأساس الذي أقاموا عليه عقيدتهم وفكرتهم هو كما أخبر اللَّه تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} (١)، وإزاء ذلك وضعهم اللَّه تعالى موضعهم المناسب فقال سبحانه وتعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)} (٢).

ترى ما القيمة التي يُمكن أن ينطوي عليها إنسان يعيش بهذه التصورات الأرضية والطموحات المادية؟، لا ريب أنه يتحول إلى مخلوق مهين، وإن ادعى أنه متفوق وعقلاني ومتقدم وعصري!!.

فهذا كله من باب {وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ} فهم وإن تطاولوا وادعوا وتعالموا وتعقلنوا ليسوا إلّا في حياة حيوانية محضة للأكل والمتاع، في دوامة من الأمل والمطامع يتلهون بها، ويغرون ذواتهم ويخادعون غيرهم، وخاصة حين يظهرون أنفسهم أنهم مفكرون وعقلانيون ومجددون وتقدميون!!.

وفي دوامة هذه الآمال الملهية تمضي أعمارهم وأعمالهم وهم يحاربون الحق بالباطل والحقيقة بالكذب والفضيلة بالرذيلة!.

والأمل الشيطاني البراق يلوح لهم {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} (٣)، {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} (٤).

وإذا تأملت الآمال الحداثية والعلمانية التي غرق في دوامتها هؤلاء


(١) الآية ٢٤ من سورة الجاثية.
(٢) الآية ٣ من سورة الحجر.
(٣) الآية ١٨ من سورة المجادلة.
(٤) الآية ٣٠ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>