"القفص المعلق" ومثلما يخنق "الإنسان - الجمهور""الشخص الإنساني" في الوجودية، فإن "القفص المعلق" يخنق الوجود الحر للفرد البطل، الفادي لـ "فينيق"، إن وعي "الشخص" في مثله الجمالية المتعددة هنا، أو في الحقل الدلالي لها هو الذي يقود إلى الاغتراب والنفي عن "الإنسان - الجمهور" الذي يعادل عند أدونيس "الحاضر" أي الراهن والسائد، وكل حرية وجودية تقود إلى النفي. . .) (١).
ثم يورد قولًا لزوج أدونيس المسماة خالدة سعيد، ثم بقية أقوال أدونيس في المناجاة العبادية لأدونيس، ثم يقول: (هكذا يندغم المؤثر الوجودي كتجربة كيانية، وليس كمؤثر "دوغماتي" في المثال الجمالي التموزي، حيث يعطي "فينيق" معنى لحريته بفعله الحر والداعي في هذا العالم "الفارغ، القفص، القضاء والقدر" الذي ينفيه ويمحقه) (٢).
فهل هناك أصرح وأوضح من هذه الألفاظ الصارخة بالوثنية الجاهلية؟ وهل هناك أي حجة للذين يقولون إن هذه الوثنيات مجرد رموز لها إشعاعات فنية، وليست مرتبطة بعقيدة مّا أو مضمون أو مقصد أو غاية؟.
وإن من السذاجة وخبال العقول أن تجد مثل هذه الأقاويل الخادعة منفذًا لها إلى بعض الأناسي الذين لا يعلمون، ولا يعلمون أنهم لا يعلمون!.
ها هو أدونيس -بإقرار باروت- يقرر أن فينيق الوثن الجاهلي ينفي العالم وما فيه من قضاء وقدر، ويغيره! فأين تكون الوثنية إن لم تكن هذه؟!.
ومن العجائب أن قضايا التفجير والتجديد مرتبطة عند أدونيس، وعند باروت الشارح، وعند أتباع الحداثة، مرتبطة بالوثنية الجاهلية القديمة مثل فينيق وأدونيس وبرومثيوس سارق النار وغيرهم، ومرتبطة بالوثنية الجاهلية الحديثة المتمثلة في مناهج ومذاهب فكرية تدور في التخوم الوثنية وتتلبس بها وتنسجم معها غاية الانسجام!.