وقد لخص إحسان عباس مقاصد الثورة الحداثية في أربعة أغراض:
١ - انهيار سلطة الأب.
٢ - تفكيك العائلة.
٣ - تحدي السماء.
٤ - الإعراض عن كل ما وراء الغيب.
ثم يتساءل: هل يعتبر الحداثي بعد هذا كله من حزب الشيطان، ويجيب -في دفاع زائف- بأن الحداثي لا يعتبر مع هذا كله إلّا في حزب الإنسان!!.
يقول إحسان عباس:(. . . الثورة حين تعتمد التحطيم ترتبط بالإخافة لمن لا يقدرون على تصور كل نتائجها، وهؤلاء يخشون إلى درجة الرعب انهيار سلطة الأب، وتفكيك نظام العائلة، وبالتالي تقشعر نفوسهم من التحدي للسماء، ذلك أن إنسانية الإنسان -دون أي شيء آخر- تعنى فيما تعنيه إشاحة الوجه عن كل ما هو وراء الغيب، وهذه سمة بارزة في الشعر الحديث، ولا يخفف من وقعها أن تحتال لها بالتفسيرات والتوجيهات، هل الشاعر الحديث من حزب الشيطان؟ لو كان الأمر كذلك لكان يدخل حربًا خاسرة، ولكنه من حزب الإنسان، وهذا يعني أن الإنسان هو القيمة الوحيدة في هذا الكون، وهو لا يحاول أن يدخل حربًا بين طرفين وإنّما يكتفي بالجحود)(١).
وأيُّ إنسانية لإنسان يعتقد بالمادية، ويؤمن بالحيوانية أصلًا ومنشأً؟ وأي إنسانية لمخلوق يبت نفسه عن عناصر إنسانيته المتمثلة في روحه وآفاقها، ومعنوياته وطاقاتها؟.
لقد وصل إلى بعض هذا المعنى جملة من كتاب وفلاسفة الغرب بعد
(١) اتجاهات الشعر العربي المعاصر لإحسان عباس: ص ١٥٨.