فيها الحداثيون العرب الغيبيات ويجعلون الإيمان بها من علامات التخلف!!.
نعم إن الأصوات المنادية بالعودة إلى شيء من الفطرة الإنسانية وشيء من ضروريات الكرامة الإنسانية؛ ليست هي البارزة أو القوية أمام الموجات العارمة من دعوات الحيوانية والمادية والإلحاد، ومقتضياتها في الحياة العامة والخاصة للناس، والتي خضعت لها أعناق الحداثيين في مهانة فكرية صارخة وفي ترديد ببغائي بليد، ها هي مجلة "مواقف" تعلن -كما أعلن أدونيس من قبل- أن الإنسان العربي لا يُمكن أن يكون "ثوريًا!! " ألا بتخليه عن الإيمان بالغيب، وأول ذلك -عندهم- التخلي عن الإيمان باللَّه تعالى، تقول "مواقف": (هل يُمكن العربي أن يحقق الثورة ما دام يحيا ويفكر في إطار من القيم الموروثة المطلقة الثابتة؟ كيف يستطيع العربي، بتعبير آخر، أن يعيش ثورة تغير لحظة يعيش مطلقًا غيبيًا ينفي التغير؟ هل يُمكنه أن يغير وضعه، أعني ذاته، إذا لم يغير المطلق الثابت؟ هل يعني ذلك أن العربي لا يكون ثوريًا إلّا إذا تخلى عن إيمانه بالمطلق الغيبي؟ تعني الثورة، فيما تعني، نظرة جديدة، هذه النظرة تتضمن بالضرورة، نقدًا لما سبقها، سواء كان دينيًا أو غير ديني، وتتضمن، بالضرورة، تجاوزًا لما سبقها.
إن المضمون الإنساني التقدمي المنفتح على آفاق المستقبل هو ما يهم هذه المجلة في المقام الأول) (١).
وهكذا نلمس كيف يتجبر ويتكبر ذو العاهة ليشعر الناس أنه قوي سليم، وأن عاهته الفكرية لم تنقصه عن البشر العاديين فضلًا عن البشر الفائقين!!.
ولأن النقص المادي، والعاهة الحيوانية توجع بقايا الفطرة لديه، فإنه يغطي على ذلك بوصوله إلى التطرف المريض كما في النص السابق، وكما في نص آخر لعلماني عربي شهير يقول فيه: (ما عاد الإنجاز يقاس بالانسجام مع مفاهيم غيبية، بل مع عمل يتجه صوب أهداف موضوعية عقلانيًا. . . فالإنسانية إذًا هي خالدة وحدها دون سواها، مستبدلًا بفكرة