من ذهن غيبي أو جبري يفضي بدوره إلى آفات القدرية والسلفية، والاعتماد على البركة، وتوابعها، في مواجهة العلم التجريبي) (١).
وتاللَّه لقد انفلت هؤلاء من كل ممسك فلا دين حفظوه، ولا عقل احترموه، ولا علم تجريبي حذقوه أو نقلوه، وقصارى ما قاموا به أن جعلوا عقولهم وأذهانهم مستعبدة للمذاهب الغربية المادية، وقاموا بدور الوسيط الذي ينقل الجراثيم والأمراض!!.
تقرأ لهم فإذا هم يتباكون على العقل، وعقولهم مستطرقة للغرب والشرق وللخرافات والوثنيات القديمة والحديثة.
ويندبون حرية الفكر، وهم قد استأسروا في مهانة ذليلة للمذاهب والمناهج والنظم الغربية.
ويتغنون بالحريات الشخصية وهم أشد الناس استبدادًا وظلمًا للمسلمين، الذين يريدون مقارعة الحجة بالحجة والعقل بالعقل، فإذا كانت لهم وسيلة إعلام فهي لزمرتهم وليس للآخرين شيء، وإذا كان لهم حكم وسلطة فدعاة الإسلام في السجون والمعتقلات، وتحت الأحكام الحرفية والعسكرية، ثم يقولون الحريات الشخصية!!.
ويطالبون بالعلوم التجريبية ومناهجها وطرائقها، وهم في بعثاتهم لم يعودوا بشيء من ذلك بل عادوا بمحاربة الإيمان والعقائد والأخلاق، وأمثلهم طريقة من عاد وهو مرتاب في عقيدته وحضارته وأمته، وفي الوجه المقابل نرى أن الملتزمين بدينهم من أبناء الإسلام كانوا أبر بأمتهم وأحنى عليها حين تعلموا العلوم التجريبية وأسالوا أنهارها -حسب استطاعتهم- في أودية المسلمين.
أمَّا الهدَّامون والرجعيون الماديون من أتباع الحداثة والعلمنة فإنهم جلبوا أنجس وأخبث وأنتن ما في الغرب، وقاموا ببثه ونشره وإشاعته والدعوة إليه وإكراه الناس عليه، وجعلوه المنطلق لكل ثقافة وعمل وممارسة
(١) موسوعة الفلكلور والأساطير العربي لشوقي عبد الحكيم: ص ١٠.