للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليكونوا لها عدوًا وحزنًا، ولكن كرامة اللَّه لهذه الأمة بنصرها وحفظ دينها وكبت عدوها؛ معلومة معتبرة، ومأمولة منتظرة {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (١).

وفي تلك الحقبة البائدة التي شاعت فيها مبادئ الشيوعية وعم طوفان العلمانية والاشتراكية، كان محمد الفيتوري -الذي أرجو أن يكون ما قيل اليوم عن أوبته صحيحًا- قد انغمس في هذا التيار الجاهلي الحاقد، فكان من ثمرات ذلك ديوانه المترع بالضلالات الاعتقادية، ومنها منادته بـ (انتقال الإنسان العربي، من واقعه القديم إلى واقعه الجديد، من واقع الركود الاجتماعي، والاستسلام الغيبي، الذي تتحكم فيه إرادة التقاليد، إلى واقع التناقضات الفكرية، والاضطرابات الاجتماعية، الذي تحركه إرادة التحول والتغيير) (٢).

وفي تلك الحقبة يكتب نقاد "الواقعية الاجتماعية" التي تعني أصحاب الانتماء اليساري، والماركسي خاصة، يكتبون كتبًا كثيرة، ويصدرون مجلات منها "مجلة الثقافة الجديدة" ومن الكتسب ذات الهوى الشيوعي الماركسي البحت كتاب "دراسات في الشعر العربي الحديث، وفق المنهج النقدي الديالكتيكي" الذي يقول فيه صاحبه: (إن التزام الشعر بالواقع والوجود لا يعني كونه خطابات سياسية مرتجلة بقدر ما لا يعني كونه تصورات غيبية سوداوية فوقية، وإن شاعرًا كالسياب الذي طرح مشاكله الذاتية والوجودية الكبرى "مشكلة الموت والجنس مثلًا" من خلال التجربة الثورية العربية التي التزمها، وهي مشكلة موضوعية على وجه التحديد استطاع أن يكون شاعرًا ملتزمًا على مستوى الواقع والوجود عندما لم تتحول أشعاره إلى خطابات سياسية مرتجلة أو رؤى وهمية ربوبية كاذبة) (٣).

والكتاب في مجمله دراسة مادية ماركسية لمجموعة من شعراء الحداثة العربية أبرز من خلالها المضامين المادية الجاحدة للغيب، في إخلاد واضح إلى الأرض والجسد والشهوات الحيوانية، وسقوط في ثلج باريس وغلايين


(١) الآية ٨ من سورة الصف.
(٢) ديوان الفيتوري ٢/ ١٦٦.
(٣) دراسات في الشعر العربي الحديث لامطانيوس ميخائيل: ص ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>