للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقت على هذه الخلقة وإن لم تتماثل أفراد النوع الواحد منها أقرب إلى المعقول من افتراض التطور ابتداءً، وهذه حقيقة لم تستطع المتحجرات أن تنفيها (١).

ومن المسلمات المادية التي انبنى عليها هيكل المادية القول بأزلية المادة، وأنها "لا تفني ولا تستحدث من العدم" وعليها بنوا الزعم بأزلية الكون إلى حد جعل "برتراندراسل" يعتبره أمرًا لا يقبل الجدل (٢)، بل ويعتبر حتى مجرد السؤال عن علة أو سبب وجود هذا الكون من الأمور غير المنطقية!!.

أليست هذه المسلمة المادية اعتقاد غيبي محض؟ ثم أليس الحتم والقطع فيها واعتقاد ثباتها بصورة جازمة من المسلمات الغيبية؟.

بلى هذه غيبية ضرورية، ولكنها غيبية ضالة منحرفة.

ومن المسلمات المادية إرجاع جميع الكائنات الحية إلى خلية أولية تفرعت منها سائر الأنواع التي ترى اليوم، وخاصة الإنسان الذي يرونه تطور في إحدى مراحله من القرد!!.

وهذه غيبية مادية إلحادية، لا برهان عليها من حس ولا عقل (٣)، ومع ذلك سلمت بها عقول تحسب أنها على شيء من تجربة أو عقل أو حس {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (٤).

ولأجل ذلك كله اضطرب داروين نفسه عند وصوله إلى هذه المضايق كما اعترف هو في كتابه "أصل الأنواع" حيث قال: (لا يبلغ القارئ الخبير إلى هذا الموطن من البحث حتى تعتريه صعاب شتى ومشكلات عديدة تزعزع من ثقته في صحة مذهبي، ولا جرم أن بعضًا من تلك المشكلات


(١) انظر: مصرع الداروينية: ص ٤٨.
(٢) انظر نص قوله بالإنجليزية في مصرع الداروينية: ص ٤٩.
(٣) اقتبست هذه المسلمات من كتاب مصرع الدراوينية: ص ٤٧ - ٥٠.
(٤) الآية ٤٠ من سورة النور.

<<  <  ج: ص:  >  >>