للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داروين ويعتبرها إشكالات ظاهرية لا تناقض مذهبه!!.

ومع كونها من أعمق المعوقات لفرضية مثل هذه الفرضية إلّا أنه تخطاها في تسليم غيبي للمقدمات والافتراضات التي وضعها، ولم يتمكن من الإتيان بإجابة صحيحة مقنعة لاعتراضات علمية وعقلية أوردها علماء في عصوه وفي غير عصوه وحتى اليوم (١).

والمقصود من كل هذا الإيراد أن داروين رغم ماديته المحضة ورغم إلحاده الذي اعترف في مذكراته أنه وصل إليه أخيرًا، لا ينفك عن إيمان بغيبٍ ما.

والماركسية المنطلقة في المادية إلى أبعد مدى لا يستطيع أصحابها الانفكاك من "غيبية" مّا، وإن كانت غيبية منحرفة ضالة (٢).

فماركس أخذ من نظرية النشوء والارتقاء التي قالها داروين ونقلها إلى علم الاقتصاد وعلم الاجتماع، أخذ القول بالطبيعة الفاعلة الخالقة المؤثرة بدلًا من اللَّه تعالى، وهذه غيبية وعبادة للطبيعة من دون اللَّه، وأخذ القول بأن الكائنات تتطور تطورًا حتميًا تحت ضغط البيئة المادية الخارجية، وفي أثناء عملية الشطور تنقرض كائنات وأعضاء معينة لأنها لم تعد تلائم البيئة وينمو بدلًا منها أعضاء ووظائف جديدة أكثر تعقيدًا، وهذا التطور والتغير يحصل على الكائنات الحية رغمًا عنها، فلا إرادة لها ولا قصد، وإنّما هو مفروض عليها من الخارج أرادت أم لم ترد، ولا تملك هذه الكائنات أن تبطيء أو تسرع أو تتحول عن هذا الطريق التطوري التصاعدي، فالأمر في ذلك كله متروك "للطبيعة"!!، وقد طبق ماركس هذه الفرضيات الخرافية تطبيقًا كاملًا على التطور الاقتصادي والاجتماعي (٣)، وهذه الفرضيات جميعها


(١) انظر: مصرع الداروينية: ص ١١ ولماذا أهمل الإعلام اليهودي اعتراضات زميل داروين "دالاس". وانظر: الإنسان والداروينية: ص ٢٠٩ - ٢٥١، وهو مليء بالنقولات المهمة في اعتراض العلماء التجريبيين على داروين ونظريته. وانظر: كتاب العلم يدعو للإيمان فهو مخصص للرد على الداروينية.
(٢) انظر: الفنون الصغرى للظاهري، السفر الخامس: ص ٤٠: الميتافيزيقيا الشيوعية.
(٣) انظر: الإنسان بين المادية والإسلام: ص ٥٥ - ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>