للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"غيبيات" ولكنها منحرفة تائهة في أودية الخرافة والتخمين، وكذلك ما انبنى عليها عند الماركسيين من صراع الطبقات، والجدلية المادية الديالكتيكية، وتأثير العالم الخارجي على العقل، وتأثير أساليب الإنتاج وغير ذلك من الأمور التي لا تخضع لقياس ولا تجربة ليست في حقيقتها سوى مسلمات غيبية مادية ضالة خضعت لها أعناق هؤلاء فاقتفوا أثرها، في تسليم كامل وتبعية عبادية وثنية خالصة!!.

أمَّا عبيد الغرب من الحداثيين والعلمانيين فهم أقل من هذا الشأن وأذل، إذ غاية ثقافتهم ومبلغ علمهم وآفاق طموحهم أن يتبعوا المذاهب الغربية المادية ولا يبتدعوا!! وإن يسيروا في ذيل قوافلهم مذعنين إذعان العبيد في أيدي النخاسين، أقول ذلك بعد طول تبصر ونظر في أقوالهم ومؤلفاتهم ومجلاتهم ومنتدياتهم، وإن اجتهد بعض منهم ليخرج بجديد من الأفكار والتصورات النتنة، فلا تجده يخرج عن أصول ومتون أساتذته الذين تلقى عنهم وأشرب حبهم في قلبه، فما أحرى هؤلاء بقول الشاعر:

(العبد لا تفضل أخلاقه … عن فرجه المنتن أو ضرسه

لا ينجز الميعاد في يومه … ولا يعي ما قال في أمسه

فلا ترجِّ الخير عند امرئ … مرت يد النخاس في رأسه

وإن عراك الشك في نفسه … بحاله فانظر إلى جنسه

فقلما يلؤم في ثوبه … إلّا الذي يلؤم في غِرْسِه) (١)

وخاصة إذا قرأت أفكارهم المادية، وعبثياتهم الحيوانية وفوضوياتهم الخلقية، وقرنتها بأصول الفكر الغربي اتضح لك صدق هذه الأبيات في حقهم!!.

وأصدق منها وأدق وأكمل وأشمل قول اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ


(١) الأبيات للمتنبي في ديوانه ٢/ ٢٠٥ بشرح العكبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>