للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} (١).

وقد مرّ بنا في ثنايا البحث في مواضع عديدة كيف أنهم انخلعوا من الإيمان الحق والعقيدة القويمة والدين الصحيح، ليستقروا في قاع الحوض الآسن، خوض المادية والوثنية.

وفي الفصل الرابع من الباب الأول "التصورات المتأثرة بالوثنيات والديانات المحرفة" أدلة عديدة على مقدار انغماس الحداثيين في الإيمان بوثنيات جاهلية من وثنيات اليونان والبابليين والفراعنة والهنداكة والبوذيين والمشركين العرب.

ولا غرو أن يكون الحداثيون العرب بهذه المثابة في التعلق بهذه الوثنيات، فقد تلقوا هذا عن الغرب واستوردوا هذه المضامين مع ما استوردوه من مادية وعلمانية وحداثة، ولقد عبر بدر شاكر السياب عن الاتجاه نحو الخرافات والأساطير الغربية بقوله: (إن اللجوء إلى الخرافة والأسطورة وإلى الرموز من مظاهر الشعر الحديث المهمة. . . نحن نعيش في عالم لا شعر فيه أعني أن القيم التي تسوده قيم لا شعرية، والكلمة العليا فيه للمادة لا للروح، إذن فالتعبير عن المباشر عن اللاشعر لن يكون شعرًا فماذا يفعل الشاعر إذن؟ يلجأ إلى الخرافات والأساطير التي لا تزال تحتفظ بحرارتها؛ ولأنها ليست جزءًا من هذا العالم) (٢).

هذه العبارات الواضحة الدلالة على ما نحن بصدده في إثبات إيمان الحداثيين بغيبيات وثنية وتعلقهم بأصنام جاهلية، ليس لها قيمة إلّا كما لأوثان الجاهليين العرب: "هبل واللات ومناة والعزى" غير أن الميزة الوحيدة للأوثان والأساطير والخرافات التي تعلق بها الحداثيون وآمنوا بها وجعلوها رموزًا للانبعاث والتقدم والتجدد أنها مستوردة من الغرب!!.


(١) الآية ١٧٩ من سورة الأعراف.
(٢) مجلة شعر، العدد ٣ تموز ١٩٥٧ م: ص ١١١ - ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>