للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١ - تشويش الوعي، ضمن المنظور الصوفي لعالم الداخل، والذي هو بالدرجة الأولى منظور كشفي، فالشعر لديه هو ما تلتقطه "عدسة الغيبوبة" في اكتشافها واستقصائها لـ "ساحة ما وراء الطبيعة" وهو ما "يفيض له اللاشعور المستعر ويخنس الوعي". . .

٢ - الربط بين مفهوم "الرؤيا" الشعرية "اللاشعورية" إلى الحد الذي يترادفان فيه، ويصبح فيهما الشعر حالة من "السكر" و"الإشراق" تعطي الأولوية للبحث الميتافيزيقي عن المطلق) (١).

وهذا النص يعيدنا إلى ما سبق ذكره في الفصل الرابع من الباب الأول من تأثر الحداثة بالفرق المنتسبة إلى الإسلام مثل الفرق الشيعية، الرافضة، والباطنية بفرقها العديدة، والصوفية الفلسفية، التي يعتبر تراثها -المدنس بالشركيات والخرافات- معينًا لشعراء الحداثة، بجامع المجانسة بين كلا الاتجاهين في الإيمان بغيبيات ضالة خرافية وجحد الغيبيات التي ثبتت بالوحي الصحيح.

وهذا جانب آخر من جوانب الغيبيات الحداثية، يضاف إلى الجوانب السالفة الذكر.

وفي الكتاب الذي قرر فيه أدونيس أن الإيمان بالغيب ظلام ورجعية ووسبب لعرقلة الوعي (٢)، يقرر فيه أيضًا أن الحداثي يكشف الغيب ويعلم به، ويشبهه بالأنبياء شرفهم اللَّه وأعزهم عن هذا التدنيس، كل ذلك تحت عبارات مموهة خادعة هي "الرؤيا" و"الرؤيا الإشراقية" و"الحلم" و"الكشف" و"الخيال" والتي تصب كلها في أن الشاعر الحداثي يعلم الغيب ويتجاوز حدود المحسوس والمعقول إلى آفاق يتحد فيها مع الحقيقة بالكشف الصوفي والاتحاد الصوفي، والاستبطان الصوفي، ولم يقل الباطني، مع أن العقيدة الباطنية أقرب إلى هذه المفاهيم من عقائد فلاسفة التصوف الذين شاركوا الباطنية في مفاهيمهم الضالة هذه.


(١) الحداثة الأولى: ص ٢٣٧ - ٢٣٨.
(٢) انظر: الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ٢٧٥، ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>