للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن نوافذ أدونيس على الغيب -غير ما سبق ذكره- قوله:

(فينيق خل بصري عليك، خل بصري

ألمح خلال نارك الغيب الذي يختبيء - الذي

يلف جرحنا

وألمح الركام والرمال والدجى

واللَّه في قماطه، اللَّه الذي تلبسه إيامنا

حرائقًا غصصًا وجدُرا

تلبسه ولا ترى) (١).

هذا هو التجديد الحداثي!!، وهذه هي الغيبيات التي يرى من خلالها أهل الحداثة!!، تقديس لفينيق في مقابل الاستخفاف باللَّه -جلَّ وعلا-، إعلاء لشأن الأوثان، وتهوين لجلال الرحمن -عَزَّ وَجَلَّ- إعادة بنيان الوثنية المندثر، ومهاولة لهدم بنيان التوحيد، وتقويض دعائم ملة الإسلام، هذا ملخص مراد الحداثة والحداثيين، وفي النص الأدونيسي السابق وما قبله خير برهان على هذا، ولكن الإمعات لا يفقهون!!.

ويشرح أدونيس خطته الحداثية التي تبدأ من بيارق الرفض -وكل باطني رافضي- وتنزل إلى معركة يحارب فيها القمر والهلال رمز المسلمين، ويقاتل الدين الذي يصفه بأنه عنقاء خرافية، عنقاء مشعوذة، وينحني لصداقة البرق والرعد: الحداثة والغرب وفروعها، ثم يجعل العقرب -شبيهه في الفسق والأذى- وطنًا، ويصبغ هذا الوطن بالحلم الغيبي الوثني الحداثي، مجد يكتبه الكاهن سطيح والرخ الطائر الخرافي، فيقول:

(تحت بيارق الرفض أسرج كلماتي - في مخضون وجهي

عرس آخر والأرض بين يدي امرأة

أحارب لحمي الممزق، انحنى لصداقة البرق، وبالرعد


(١) الأعمال الشعرية لأدونيس ١/ ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>