للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقائد مادية إلحادية، وأرباب باطلة من نظم ومذاهب، وأعراف وأفكار وأشخاص وأسماء ورسوم، تملي عليهم أنماط حياتهم وفلسفة تصوراتهم ومعارفهم وأسس سلوكهم، وأصول أخلاقهم وقواعد سياساتهم واقتصادهم، بل ومفردات وفروع كل ناحية من نواحي حياتهم، وما يُرى ويشاهد ويلمس اليوم في "الدول المتقدمة" "الدول العصرية"!! من أفكار وأعمال وممارسات كلها شواهد على هذه الأنواع العديدة من الانحرافات الاعتقادية والعملية.

أمَّا أتباعهم مما يُسمى تلطفًا أو تظرّفًا "دول العالم الثالث" فإنهم على أسوأ وأردى مما عليه أسيادهم وإن بقيت عند بعضهم -خاصة الشعوب المسلمة- بقية من بقايا الدين الحنيف، أو بقايا الفطرة السوية.

أمَّا أتباع الغرب في البلاد الإسلامية من المفكرين والمثقفين والإعلاميين والإداريين فإنهم -بلا ريب- قد بلغوا من الانحطاط والتردي درجات لا يكاد يصدقها عقل، وانسحقوا بالكلية تحت أقدام أسيادهم، الذين معهم -مع انحرافهم- عناصر قوة مادية.

أمَّا أتباعهم وأولياؤهم فإنهم تركوا القوة الإيمانية بالتبعية الاعتقادية وما يترتب عليها من أنظمة وأنماط حياة وسلوك، ولم يستطيعوا أن يحوزوا القوة المادية التي يتمتع بها الغرب، فصاروا بلا دين ولا دنيا، أمَّا الدين فقد أضاعوه حين اتبعوا المذاهب والأفكار والعقائد المادية، وحين أخذوا معها مقتضياتها العملية من أنظمة وسلوكيات وممارسات حياة عامة أو خاصة، وأمَّا الدنيا فهم في درجة من التبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية لا تتيح لهم أن يكونوا أحرارًا في اتخاذ ما يريدون اتخاذه، ولا شك أن هذا لازم من لوازم أتباعهم للعقائد والمذاهب المادية.

أمَّا حيازة التقنية والاكتفاء الذاتي في الغذاء والدواء والسلاح فهم أبعد الناس عنه، وإن تحقق لبعضهم شيء من ذلك، فهو كسب ضئيل مرتهن، مغموس في بحور الاستلاب والهزيمة والتبعية.

وفي الفصول الآتية سوف نرى من الشواهد والأدلة على هذه القضية الشيء الكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>