للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٨١)} (١).

وهذا هو حال المنافقين قديمًا وحديثًا (فللَّه كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوه؟! وكم ضربوا بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها!، وكم عموا عيون مواره بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها؟!. . . فلا يزال الإسلام وأهله يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢)} (٢)، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٨)} (٣) اتفقوا على مفارقة الوحي، فهم على ترك الاهتداء به مجتمعون {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣)} (٤)، {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (٥)، ولأجل ذلك {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (٦).

درست معالم الإيمان في قلوبهم فليسوا يعرفونها، ودثرت معاهده عندهم فليسوا يعمرونها، وأفلت كواكبه النيرة من قلوبهم فليسوا يحيونها، وكسفت شمسه عند اجتماع ظُلم آرائهم وأفكارهم فليسوا يبصرونها، لم يقبلوا هدى اللَّه الذي أرسل به رسوله، ولم يرفعوا به رأسًا، ولم يروا بالإعراض عنه إلى آرائهم وأفكارهم بأسًا. . . لبسوا ثياب أهل الإيمان على قلوب أهل الزيغ والخسران، والغل والكفران، فالظواهر ظواهر الأنصار (٧)، والبواطن قد تحيزت إلى الكفار، فألسنتهم ألسنة المسالمين، وقلوبهم قلوب


(١) الآيتان ٨٠، ٨١ من سورة المائدة.
(٢) الآية ١٢ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٨ من سورة الصف.
(٤) الآية ٥٣ من سورة المؤمنون.
(٥) الآية ١١٢ من سورة الأنعام.
(٦) الآية ٣٠ من سورة الفرقان.
(٧) هذا وصف صنف منهم أمَّا الصنف الآخر فملحد مجاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>