وأرى أن هذه الأوصاف لازمة للحط من منازلهم في قلوب من أشرب حبهم بجهل أو تجاهل، بقدر ما حازوه من هذه القلوب بغير حق.
ثم إني ما قسوت في القول -إن عُدَّت هذه الأوصاف قسوة- إلّا على الذين قست أقوالهم في حق ركن من أركان الإيمان أو قضية من قضايا الإسلام أو علم من علومه.
أضف إلى ذلك أنهم حين يناقشون أهل الإسلام فإنهم لا يترددون في رميهم بأقذع الألفاظ وأخبث الشتائم، وأسخف الأكاذيب، ولم أكن فيما وصفتهم به -وللَّه الحمد- في شيء من ذلك، بل كان نعتي لمن أطالوا التلاعب بعقول القراء، وعرضوا الباطل وكأنه الحق، وسوقوا الانحرافات، وكانوا سماسرة ووكلاء لأعداء الإسلام؛ نعتًا لا يتجاوز ما هم عليه، إن لم يكن فيه تقصير عن وصف حالهم أسأل اللَّه العفو عنه، وكم من غصة نشبت في قلبي، وغضبة جاشت في نفسي، ونومة طارت من عيني إثر قراءتي لما قالوه في حق اللَّه تعالى وحق أنبيائه وكتبه وشريعته وأخباره.
فأنا أمام محاربين ألدّاء لعقيدة الإسلام وشريعته وأحكامه وتاريخه وحضارته، محاربة مباشرة أو من وراء حجب الألفاظ والرموز، واللين مع المحارب من صفات الأحمق أو العاجز (١).
وهذا البحث لا يواجه ظواهر أدبية أو فنية، وإنّما يواجه ظواهر وأساسات وقواعد فكرية واعتقادية، ومدارك ومنطلقات وأوجه هذه المضامين؛ لحمل النفوس المؤمنة على إعمال سنّة الدفاع عن حرمات الإسلام، ورفع وطأة أهل الأهواء والشبهات، وسد سبل انحرافاتهم الكثيرة، وكشف المضلين المفتونين، المنطوين على أسقام أصابت عقولهم وقلوبهم، فرشح عنها ما رشح من آراء باطلة وجهالات ساقطة، وانحرافات يخزي بعضها بعضًا، هذا و (إن تصور مذهب هؤلاء: كاف في بيان فساده، لا يحتاج مع حسن التصور إلى دليل آخر، وإنّما تقع الشبهة؛ لأن أكثر الناس لا يفهمون حقيقة قولهم وقصدهم، لما فيه من
(١) انظر: قضية الشدة على المخالف والأدلة والضوابط في: الرد على المخالف من أصول الإسلام للشيخ بكر أبو زيد، وموقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين للشيخ مصطفى صبري ١/ ٤٢ - ٤٦، ٥١، ٩٧، والعواصم والقواصم للإمام ابن الوزير ١/ ٢٢٩ - ٢٣٨.