للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحداثة في هذا السياق وبما هي "نظرة إلى الوجود" أو "عقلية" حسب تعبير الخال. . . أو نظامًا معرفيًا يجد مرجعه في "النزعة الإنسانية الطبيعية" أو "العلمية". . . -ثم يوجز هذه النزعة الإنسانية بكلام لأحد الغربيين-: (بأن الإنسان لا يحيا إلّا حياة واحدة، ولا تحتاج إلى ضمان أو دعامة من مصادر عالية على الطبيعة، وأن العالي على الطبيعة الذي يتصور عادة في شكل آلهة سماوية أو جنات مقيمة، ليس موجودًا على أية حال، ففلسفة النزعة الإنسانية تسعى على الدوام إلى تفكير الناس بأن مقرهم الوحيد هو هذه الحياة الدنيا، فلا جدوى من بحثنا في غيرها عن السعادة وتحقيق الذات، إذ ليس ثمة مكان غيرها نقصده، ولابد لنا نحن البشر من أن نجد مصيرنا وأرضنا الموعودة في عالمنا هذا الذي نعيش فيه، وإلّا فلن نجدهما على الإطلاق) (١).

بهذا المعنى فإن "المجتمع الحديث" الذي يعنيه الخال هو المجتمع الذي يقوم على "النظرة الإنسانية الطبيعية" (٢) التي تؤدي إلى "مجتمع قائم على نظرة حديثة للحياة على العلم والتكنولوجيا" (٣) على حد تعبير الخال. . . .

ويعبر الخال عن هذه الإشكالية بقوله: (وإذا فقد الإنسان سندًا له في نظام إلهي أبديّ يرئسه (٤) إله عادل رحيم يحميه ويكافئه هنا أو في السموات، وجد نفسه أمام نظام من صنع يديه لا استئناف لأحكامه إلى "سلطة عليا" (٥)، وبذلك يصبح "الإنسان مصدر القيم لا الآلهة" (٦) على


(١) يشير باروت إلى أنه نقل هذا النص الإلحاديّ عن لامونت حسب ما أورده هنترميد.
(٢) المقصود بالنظرة الإنسانية الطبيعية، الفلسفة التي سبق ذكرها وهي فلسفة تؤله الإنسان والطبيعة وتنفي كل شيء خارج الطبيعة.
(٣) يشير باروت في الهامش إلى أن هذه العبارات منقولة عن الخال في مقال بعنوان "نحو أدب عربي حديث"، مجلة أدب - المجلد الثاني - العدد الأول شتاء ١٩٦٣ م: ص ٩.
(٤) هكذا والصواب: يرأسه.
(٥) و (٦) (ينقل باروت هذا النص عن الخال من المقال المشار إلى موضعه في هامش سابقًا بعنوان "نحو أدب عربيّ حديث": ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>