للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تغدوا المتاهة هي الحقيقة الواقعية الوحيدة، بعد أن مات الإنسان بموت اللَّه عبر قرن من تلاشيه التدريجي) (١).

سبحان اللَّه الحي القيوم.

فهم مع فرارهم من إثبات أي يقين أو أي حقيقة، يؤمنون بأوهام المتاهات وسراب الضياع والعدمية، وهذا هو أبعد آفاقهم، وأرفع قاماتهم، وفيه خير دليل على هوانهم وحقارة مبادئهم وأفكارهم.

خذ من ترهاتهم هذا المثال الذي سطره أحدهم: (بين أكوام الكلام الذي قرأته عن سلمان رشدي وروايته "الآيات الشيطانية" في صحف العالم المختلفة طوال الأسابيع الماضية، صفعني قول للمخرج السينمائي الراحل، الأسباني الأصل، لويس بونويل يقول: "إنني أعطي حياتي لأي إنسان يبحث عن الحقيقة، لكنني على استعداد؛ لأن أقتل أي إنسان يعتقد أنه وجد الحقيقة) (٢).

فوعي المتاهة عندهم حقيقة، وكلام الأسباني أو الفرنسي أو الأمريكي حقيقة، وسخرية المرتد سلمان رشدي بالإسلام بحث عن الحقيقة، أمَّا الإسلام فليس حقيقة، وليس يقينًا، وهذا ما صرح به أدونيس في مطالبته بـ (وضع هذه الثقافة "يقصد الثقافة العربية الإسلامية" بأصولها الدينية والإلهية موضع تساؤل أو شك أو رفض) (٣).

وهذا هو غايتهم في طرح هذه الشبكة الشائكة المتداخلة من الشكوك والأوهام والخبط والاضطراب. وفي إحدى جلسات ندوة الإسلام والحداثة يعقب أحدهم على ورقة بعنوان "حرية المسلم وشمولية الدين" فيقول: (إنني رجل علماني وبطبيعتي لا ديني، أحترم معتقدات الآخرين الدينية، لكنني


(١) قضايا وشهادات ٢/ ٢٨٦ والقول لعبد الرزاق عيد.
(٢) الناقد، العدد العاشر نيسان ١١٨٩: ص ٥، والقول لرياض نجيب الريس رئيس التحرير.
(٣) زمن الشعر: ص ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>