للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحقيقة لم يفطنوا إلى ذلك ولا إلى الأوهام المادية الإلحادية التي اعتنقوها على أنها حقائق وثوابت ويقينيات، ومن أظهرها قولهم بنسبة الحقيقة، وقولهم بالتطور المطلق وعدم الثبات.

وبعضهم لم يستطع تجاوز أنهم يقررون أمورًا يعتبرونها حقائق ثابتة، كما قال العلماني المستغرب هشام شرابي: (إن الحقيقة الكلية الشاملة التي ميزت وعي ما قبل الحداثة "الخطاب الأبوي التقليدي" تذوب ويحل محلها حقيقة من نوع آخر، حقيقة تنبثق عن وعي محدد ومن ممارسات إنسانية اجتماعية محددة، ومن نشاطات حرة خلاقة، لا من وحي إلهي أو من حقيقة أزلية) (١).

ويُمكن أن نلاحظ التعبير الكنسي "البابوي" الذي سيطر على هذا العلماني في بحثه المتقدم في ندوة الإسلام والحداثة بحيث ذهب في شعاب العلمانية، ينفي السلطة الأبوية كما تلقى ذلك عن فلاسفة الغرب الذين قالوا بنفي السلطة الأبوية، أو البابوية الكنيسية في خضم الصراع الطويل مع الدين المنحرف والكنيسة الظالمة، ثم يأتي هذا المقلد متطاولًا بهذه المعاني على أساس أنها من بنات فكره، وقد ذكر هذه الخاصية الموجودة لدى الحداثيين أحد نقاد الحداثة في كلامه عن أحد المؤلفين الحداثيين ويبين (أنه اقتطع بعض أجزاء متفرقة من الكتاب الأجنبي ثم ترجمها مع بعض التصرف أو الاختصار ثم ربط بين هذه الأجزاء المبعثرة بطريقة الربط التي شاعت في كثير من الكتب خلال العشرين عامًا الماضية، وهي طريقة يعلم الكافة الآن أن لها خصائص محددة، من بينها إنك يا عزيزي القارئ ينبغي أن تضرب رأسك في الحائط حتى تفهم، وإذا لم تفهم فهذا أفضل، لأنك في هذه الحالة لن تكتشف طريق التزوير التي لجأنا إليها، وستظل تحس بالقصور تجاه هذه العلوم الجديدة التي لا يفهمها إلّا جنس ثالث من المثقفين الذين لا يمتون إلى العرب ولا إلى العجم بأية صلة!!) (٢).


(١) المصدر السابق: ص ٣٧٦.
(٢) نقد الحداثة لحامد أبو أحمد: ص ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>