للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكما أثبت شرابي إيمانهم بالحداثة والعلمانية كحقيقة، مع نفيهم وجود أي حقيقة مطلقة، فكذلك فعل أنسي الحاج الذي قرر بكل جرأة بأن (الشعر هو الحقيقة) (١).

وهو القائل في مكان آخر مادحًا أستاذه أو قل تلميذه: (أفضل ما في الشيطان أنه على عكس أهل التعصب لا يدعي امتلاك الحقيقة) (٢).

يُمكن هنا ملاحظة التناقض بوضوح بين القولين، ولكن ذلك لا يهم في سوق الحداثة؛ لأنها حداثة الفوضى والجنون والتخريب والهدم والنسف والعبث كما اعترفوا بذلك مفاخرين!!.

أمَّا معين بسيسو فإنه يصور أن الحقيقة والحق لا تكون إلّا كفرًا، أو أنها لا تكون إلّا ماركسية على نحو ما كانوا يسمون الصحيفة الناطقة باسم الحزب في موسكو "البرافدا" أي الحقيقة، ثم اتضح للناس أن هذه التسمية ليست إلا على غرار تسمية العرب القدماء الأعمى بصيرًا والملدوغ سليمًا!!.

يقول بسيسو:

(إنني أكتب الحقيقة لكن ثورة الحق في بلادي كفر) (٣)

أمَّا عبد العزيز المقالح التائه ما بين الشيوعية الماوية الصينية والبعثية والناصرية، ثم أخيرًا في سراديب الليبرالية الأمريكية، فإنه لم يصل إلى الحقيقة ولم يعرفها كما سجل ذلك في مقطوعته "الحقيقة" {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} (٤)، ومما قاله في هذه المقطوعة:

(تتبعت آثار أقدامها في المغارات

فوق المحيطات عبر جميع البلاد


(١) قضايا الشعر الحديث: ص ٣٢٣.
(٢) خواتم: ص ٦٥.
(٣) الأعمال الشعرية بسيسو: ص ٦٠.
(٤) الآية ١٢٤ من سورة طه.

<<  <  ج: ص:  >  >>