للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا أنسي الحاج فإنه يتجاوز في اعتقاد أبدية وأزلية الكلمة ويتعدى في تقديسه لها كل من سبقه حين يقول -وأستغفر اللَّه من نقل هذا القول-: (تقتل الكلمة جسد اللَّه بعد قتل اللَّه روحًا وجسدًا) (١).

وبدون أدنى حياء أو تردد يعلن هذا الملحد مثل هذا القول ويبثه بين أبناء المسلمين لإنهاء أي قداسة في قلوبهم للَّه تعالى وإفراغ قلوبهم وعقولهم لتكون مهيأة لصب قاذورات الإلحاد فيها باسم الحداثة والإبداع والتحديث الأدبي والفني الذي يحاول أن يصبغه بصبغة الربوبية من دون اللَّه تعالى فيقول: (الشعر فعل إيمان الحياة وفعل وحدة الكون، "أراني مضطرًا أن أوضح باستمرار أني لا أعني الكتابة الشعرية فحسب، بل الشعر كروح وجو وعالم، الموجود في كل شيء").

إنه ما قبل الإنسان، وإنه الإنسان وما وراءه وفوقه وبعده، هو خالق الدين والفن والجمال والحب، هو بطانة الروح بل روحها) (٢).

وهذا كله يعود إلى الأصل الحداثيّ الذي نحن بصدد الحديث عنه وهو نسبة الأبدية للمخلوق، واعتناق الدهرية عقيدة وسلوكًا فيما يتعلق بالإنسان في وجوده وموته، إذ يعبر أحدهم عن هذه القضية بقوله: (. . . فأينما وجدت وهنًا بشريًا ففكر بالزمن، إذ الإنسان لا يعدو كونه فلذة افتلذت من كبد الزمان وطوح بها في هذا الفراغ اللامتناهي) (٣).

فما دام أن الإنسان في حسبانهم وجد بهذه الكيفية العشوائية فلا إله ولا خالق ولا نهاية للعالم، فلا مانع أن يمارسوا أي شيء بأقوالهم أو بأعمالهم، وهذا ما يتطابق فعلًا مع سلوكهم الكتابي وسلوكهم العمليّ المبني أساسًا كما يقول أحدهم على نقد المتعاليات التي يقصدون بها اللَّه تعالى ودينه وسائر الغيبيات الاعتقادية، ويخلص من ذلك إلى القول بأن الإنسان


(١) خواتم، لأنسي الحاج: ص ١٩.
(٢) المصدر السابق: ص ١٢٨.
(٣) مجلة الناقد عدد ١٣ تموز ١٩٨٩ م الموافق ذي الحجة ١٤٠٩ هـ: ص ٨ من مقال ليوسف سامي اليوسف.

<<  <  ج: ص:  >  >>