ما لا جرأة للعقلاء على إظهاره، وكان يعظ ويأمر بمعروف وينهى عن منكر ويقاوم ظلم الحكام وعمالهم، ذكره للبهلول يدل على أن مراده ومراد جبران من الشريعة شريعة الإسلام، وليست شريعة اليهود ولا دين النصارى ولا دين النصيرية.
ثم إن دعواه المتكررة أن الإنسان قبل الشريعة، دعوى عرية من البرهان، ومجازفة بالقول الكاذب من غير دليل، وهو دأب أدونيس وأضرابه، الذين يقررون القول تقريرًا يظن سامعه أنه هو الصواب الوحيد، والقول الحق الفريد، ثم يسترسل بعد ذلك في دعاوى لا تقل بهتانًا عن هذا، كقوله الشريعة اغتصاب وخداع ومؤامرة، وإرهاب، وعدوًا للتقدم والحرية، والخضوع لها ظلم وذنب، إلى غير ذلك من الدعاوى الجوفاء المجردة حتى من دليل سوفسطائي!!.
ثم يذكر الصوفية الباطنية التي رفضت الشريعة؛ ليكون ذلك دليلًا آخر على أن مراده بالشريعة "الإسلام وليس غير" ثم ليكون ذلك دليلًا آخر على باطنيته المتأصلة، ونصيريته المتعمقة في صميم قلبه وعقله.
ثم هو في سياق كلامه عن الصوفية الرافضة للشريعة يؤكد أنهم ما رفضوا الشريعة إلَّا من أجل الحقيقة ثم يضيف:(أي من أجل ما يتجاوز الشريعة)، وهذه دعوى كاذبة بلا دليل، وهي -في الوقت ذاته- دعائية إلحادية مجانية هابطة، يضحك بها على عقول البلهاء أتباع الحداثة.
ثم يعاود أدونيس الكلام على الطريقة نفسها فيقول:(من الثورة على الشريعة - السلطة ورموزها، ينتقل جبران إلى الثورة على الأسباب العميقة التي تكمن وراءها وتؤدي إليها، هكذا يعلن الثورة على الماضي، وهي الثورة التي تتضمن كذلك الاتجاه نحو المستقبل، المظهر الأول لهذه الثورة هو في التحرر من التقاليد، سواء كانت هذه التقاليد عبادات أو عادات)(١).
ثم يستشهد أدونيس بكلام من مقطوعة لجبران بعنوان "حفار القبور"