للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مع ذلك كله ينفي البعث والآخرة ويقول بتناسخ الأرواح: (إن جبران كان يعتقد بتناسخ الأرواح، فالمرء لا يزول من هذه الدنيا، بل إنه ينتقل منها إلى عدة حيوات، وقد روى لماري هاسكل عن انتقاله هو بالذات، مرارًا وتكرارًا فقال: إنه غاش حياة بشرية في الماضي مرتين في سوريا ومرة في إيطاليا وأخرى في اليونان، ومرة في مصر وست مرات أو سبع في بلاد الكلدان وواحدة في كل من الهند وفارس) (١).

أمّا دعارته وانحطاطه الجنسي فهو أمر اشتهر وعرف، أمّا سرقاته من الغرب وانتحالاته فقد أضحت ثابتة حيث إن جبران (عرب قصيدة "الأرض" عن شاعر إنكليزي مجهول وادعى أنها من وضعه، وهذه القصيدة عثر عليها أحد السياح الأمريكيين وهي محفورة على مدخل قصر قديم مهجور في بريطانيا ونشرت هذه القصيدة في المجلات الأمريكية) (٢).

وهكذا يتمدد أدونيس من خلال هذه النظريات الإلحادية التي يهدف من ورائها إلى إلغاء الشريعة جملة وتفصيلًا، ويجد له آذانًا صاغية من ذوي العقول المستطرقة تحت أقدام ذوي الشبهات والشهوات.

والأهم في هذا الصدد كله أن أدونيس يثبت من خلال هذا الطرح في هذه المقاطع، وفي كتابه كله، أنه لا إبداع ولا تحديث ولا تقدم، إلَّا من خلال هدم الدين، وتحطيم عقيدة المسلمين، وإبعاد الشريعة الإسلامية، أي: أن هذه المقدمات هي الشرط الأول للحداثة، وهذا ما حصل -فعلًا- في الحداثة، وإن كانوا في ذلك بين مقل ومكثر، ومجاهر ومستتر.

ومن ألاعيب التلبيس ما كتبه نصر حامد أبو زيد عن "الحاكمية" في مقال له بعنوان "النصوص الدينية بين التاريخ والواقع" حيث هاجم عقيدة الحكم بما أنزل اللَّه عن طريق مهاجمته للخطاب الديني أو الخطاب الأصولي -حسب وصفه- حيث جعل الدعوة إلى أسلمة العلوم والفنون، والدعوة إلى تحكيم الشريعة كلها (تنتهي إلى مد سلطة رجال الدين على كل


(١) المصدر السابق: ص ١١٥.
(٢) المصدر السابق: ص ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>