للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرق التزوير التي لجأنا إليها، وستظل تحس بالقصور تجاه هذه العلوم الجديدة التي لا يفهمها إلَّا جنس ثالث من المثقفين، الذين لا يمتون إلى العرب ولا إلى العجم بأية صلة. . .، ومن ثم فليس غريبًا أن يحس القارئ المتخصص بغربة ليتها تشبه غربة المتنبي في شعب بوان، ولكنها غربة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، وأنا حقيقة ما زلت في حيرة من هذه الظاهرة الغريبة: كيف استطاعت ثلة من المؤلفين العرب أن تفرض على الثقافة العربية نوعًا غريبًا من التأليف لم تشهده هذه الثقافة على امتداد تاريخها الطويل؟!.

لقد تعامل المؤلفون العرب القدامى مع الثقافة الوافدة تعاملًا يعكس روح الانتصار التي كانت تستشرفها النفوس العربية الأبية، وتحققها على أرض الواقع، أمَّا تعاملنا الحالي فليس إلَّا انعكاسًا لروح الهزيمة المسيطرة على أرض الواقع) (١).

إن من يقرأ كتابات عادل ظاهر وأركون وبنيس وأدونيس وغيرهم يجد مصداق هذا القول الذي ذكره أبو حامد، بل يجد أشنع مما وصف.

وإذا انتقلنا إلى "عرب الخدمات الأمريكية" فإننا نجد أحد كبار ممثليهم المسمى "هشام شرابي" يقول: (إن الإنسان قادر بمفرده "ودونما حاجة إلى العودة إلى نص ديني أو شبه ديني" على أن يعرف ما الذي ينبغي له أن يقوم به على المستوى السياسي والاجتماعي والقانوني والإداري) (٢).

ومن الحضيرة ذاتها: جابر عصفور الذي سبق نقل كلامه في مواطن عديدة، حيث جعل القدر والشرع مهانة للإنسان وإذلالًا له وفرض وصاية عليه، وإيهامًا بالهداية، مع سخرية باللَّه تعالى وشرعه ودينه، وهو بكل هذا يسعى في نسف الأصول الشرعية التي ينبني عليها التشريع الإسلامي، ويسارع في نقض الإسلام ومناقضته (٣).


(١) نقد الحداثة: ص ٨٠ - ٨١.
(٢) الإسلام والحداثة: ص ١٢٧.
(٣) انظر: المصدر السابق: ص ١٨٣، ١٨٤، ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>