للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممارسته الكتابية الداعية إلى العبث، ويسعى هو وصنوه أدونيس إلى نشر هذا الوباء الأدبي الذي يُمكن أن يودي بأشياء كثيرة فكرية وأدبية لو أتيح له أن ينتشر.

ومن كلام أنسي الحاج في هذا الصدد ما قاله في صراحة فجة: (العدم حقيقة حقًا: إنه فراغي أنا، عدمي الداخلي، حيث لم أشأ أو لم أعرف أن أمتلئ، أن أمتلئ بالنور بالظلام، بكل ما يملأ، بكل ما يُفرغ ويطحن ويلوث ويطهر، بكل هذه العوالم المحتشدة بكل هذه التي قد تكون مجموعة فراغات، ولكن كل الحياة، حياة العصور كلها، لا تكفي لاستهلاكها.

ومع ذلك لا أستطيع إلّا أن أعجب أيضًا بمن ينكرك يا إلهي. . . وأمضي فأصل إلى النتيجة: إعجابى بثورة الملحد وتجديفه سببه حريته المطلقة. . .) (١).

وبهذا الإعلان يربط الحاج بين مدلولات حداثية عديدة أولها الإلحاد الذي يثير إعجابه، ثم العدم الذي يعتبره حقيقة، ثم النتاج الأدبي الإبداعيّ الذي يرسم هذه الدعاية الفكرية ويسوّقها في الكتب والمجلات والأندية والمحافل الثقافية.

وما "قصيدة النثر" الخالية من كل قيود القصيدة القديمة والحديثة ومن كل مضامين الخلق والقيم والعقيدة إلّا صورة من صور هذا الركام (٢).

وإذا أردنا تقصي ظاهرة العبثية في الحداثة العربية فإننا نجدها قد نبتت مع أول المحاولات الحداثية من السياب وجيله، فها هو السياب يعبر عن هذا المعنى على لسان المومس العمياء في صيغة ريبية فيقول:

(وخلاصك الموعود والغبش الإلهي الكبير!


(١) خواتم: ص ٧٤ - ٧٥.
(٢) انظر: مجلة الأدب الإسلامي، عدد ٤، ربيع الثاني ١٤١٥ هـ: ص ٤٦ مقال بعنوان "ظاهرة العبث في الشعر العربي المعاصر" لرجاء النقاش.

<<  <  ج: ص:  >  >>