وحينئذ تنشأ عقدة أوديب كنتيجة طبيعية لحب الولد لأمه حبًا جنسيًا، يحول وجود الأب دون تحقيقه، فيتكون في نفس الطفل نحو أبيه شعور مزدوج من الحب والكراهة في آن واحد.
٤ - عقدة أوديب، محور من محاور نظرية التحليل النفسي عند فرويد وأتباعه، وأصل قولهم بهذه العقيدة، وأختها الأخرى المسماة عقدة الكترا، تلك الخرافة الخيالية التي افترضها فرويد وصدقها، وتبعه على ذلك من تبعه، وملخص هذه الخرافة المستمدة أصلًا من خرافة داروين: أن الأبناء في مطلع البشرية اتجهوا نحو أمهم بدافع الرغبة الجنسية، فوجدوا والدهم عائقًا في طريق رغبتهم فقتلوه، فأحسوا بالندم على قتله، فتعاهدوا على تقديس ذكراه فعبدوه، ومن هنا نشأ الدين ونشأت عبادة الأب التي تحولت فيما بعد إلى عبادة للطوطم، ولما وجدوا أنهم سوف يتقاتلون على الأم قرروا تحريمها على أنفسهم بدلًا من الخصام، فنشأت القيم، وهكذا بقيت هذه الحادثة تطبع البشرية بهذا الطابع منذ ذلك الزمان وحتى الآن، فكل طفل يعشق أمه بدافع الجنس، وكل طفل يكبت ذلك العشق فتنشأ عقدة أدويب نسبة إلى أوديب التي تقول الأساطير الإغريقية، أنه قتل أباه وتزوج أمه دون أن يعلم حقيقة ما فعله.
وكذلك الطفلة تعشق أباها بدافع الجنس ثم تكبت هذا العشق فتنشأ في نفسها عقدة الكترا، التي تعني في مدرسة التحليل النفسي تعلق الابنة بوالدها، وشعورها بالعداء نحو والدتها التي تنافسها أو تستبد بالوصال الجنسي مع أبيها، وهذه الرغبة ناتجة عن وعي أو غير وعي في نفس الطفلة، وتسفر عن الشعور بالعداء والبغض للأم كما تؤدي إلى شعور بالذنب نتيجة تضارب عواطف الفتاة.
٥ - من عقدة أوديب والكترا، والكبت الملاصق لهما يقرر فرويد أن الدين والأخلاق والتقاليد والقيم العليا تنشأ وتنطلق من هاتين العقدتين، فالكبت الذي بدأ منذ قتل الأبناء والدهم مستمر لم ينته، ويتحول دائمًا إلى قلق نفسي دائم لا يترك البشرية في راحة، وإنّما اخترع