٦ - ومن هذه المنطلقات والتحليلات والتفريعات توجه فرويد نحو الدين والأخلاق والتقاليد والقيم العليا يدنسها ويقذرها في نفوس الناس، ويغمسها في مستنقع الجنس، ثم يخرج حلوله بعد ذلك من المستنقع ذاته يتقاطر منها الجنس المكبوت.
٧ - ينشأ الضمير والأخلاق عند فرويد من قضية الكبت والقمع للشهوات الجنسية، أي أن الضمير والأخلاق ليست موجودة في عالم الحقيقة وإنّما هي خرافة تنشأ بسبب عوامل الكبت والقهر.
٨ - ينفي فرويد كل قيمة خلقية ذاتية؛ لأنه لا يستطيع أن يتصور أن إنسانًا يُمكن أن يتنازل عن متعته من أجل قيمة عليا أو خلق قويم.
٩ - يفسر فرويد الدوافع الإنسانية النبيلة تفسيرات تدنيسية تُذهب جلالها وتطمس ما فيها من خير وإشراق، فهو يعتبر كل ارتفاع خلقي مجرد حيلة لا شعورية لمداراة خسة هابطة، وكلما ازداد الإنسان رقيًا وخلقًا وتطهرًا في الظاهر كان ذلك عند فرويد دليلًا على عمق مشاعر الإجرام والنذالة التي يكبتها في لاشعوره.
١٠ - يفسر كذلك كل العلاقات العاطفية بالتفسير التدنيسي نفسه، فحزن الأهل على ميتهم -مثلًا- ليس شعورًا بالحزن على فراقه، ولكنه مداراة للفرحة الخفية التي يحس بها الأقارب عند التخلص من هذا الشخص الذي يكرهونه ويتمنون موته، والولد يكره والده، والبنت تكره أمها، والزوجة تبغض زوجها وتتمنى له الموت، وليس هذا عنده على مستوى المشاعر الفردية، بل يمتد حتى يشمل الحياة النفسية كلها بين الأفراد والمجتمعات، فالجميع يكبتون مشاعر الكراهية الثابتة في نفوسهم تجاه من يتظاهرون بحبه، وليس في حسابه أي سمو إنساني، ولن يحدث مثل هذا السمو -إن حدث- إلّا بالكبت القهري للنوازع، ولا سبيل عنده لارتفاع الإنسان عن أي رذيلة في سبيل خلق أو قيم عليا أو فكرة قويمة.
١١ - ينكر فرويد جميع المعنويات، وينكر كل حقيقة خارجة عن