نطاق الأرض، وبناء على ذلك يعالج المرضى ويفسر الأحلام. فلا غيب عنده ولا روح، ولا شيء خلف المادة ومعطياتها وفرعياتها، أمَّا الدين فقد ذكرنا في نقطة سابقة خرافة قتل الأبناء لأبيهم ثم أسفوا لذلك وقدسوا ذكراه وعبدوه، وهكذا ظهرت أول ديانة في الأرض حسن خرافة فرويد، ولذلك عادى فرويد الدين واعتبره خطرًا على الإنسان؛ لأنه يعتقد أن الدين يصرف الانسان عن التعامل مع الواقع إلى أوهام تفسد عليه حياته.
١٢ - يعتبر فرويد الأخلاق والتقاليد والقيم العليا وسلطة المجتمع حراس كبت وقهر، يتوبصون بالفرد الدوائر ليفتكوا به ويوقعوه في سلطانهم ويخضعوه لمشيئتهم، والفرد في صراع دائم ضد هؤلاء الحراس بوعي أو بغير وعي يبحث عن أي فرصة للانقضاض عليهم علانية إذا أمن، أو خفية واحتيالًا إذا خشي العاقبة.
وعلى هذا المبدأ يصور فرويد مريض العقل والنفس والمصاب بالجنون والهستيريا والانفصام، والمجرم والشاذ، يصورهم جميعًا ضحايا لكبت المجتمع والأخلاق والقيم، وضحايا الدين ووخز الضمير، ضحايا هذه العوائق التي تحطم الفرد وتكبت غرائزه وتحطم كيانه.
١٣ - وبناء على ذلك فإنه يصور أن الإنقاذ للإنسان والخلاص له من العقد النفسية والاضطرابات العصبية والهلوسات وانهيار الأعصاب إنّما يحصل بإزالة هذه الحواجز:"الدين، الخلق، الحالة الاجتماعية، القيم، الضمير، التقاليد" وإطلاق المشاعر المكبوتة.
لقد سمى هذه الأشياء "المشاعر العليا" بعد أن وجه إليه النقد الشديد واعترف بوجودها ولكنه أصر على القول بأنها جميعًا تنشأ من قهر النوازع الفطرية في عقدة أوديب، أي أنه اعترف بها اعترافًا أسوأ من النفي.
١٤ - بنى كل أحكامه على تجاربه في الشاذين والمتخلفين والمجرمين، وكل تجاربه كانت في هذه الأصناف، ومن هؤلاء الشواذ استنبط أحكامه وعممها على الأصحاء مشيًا على قاعدته القائلة أن في كل