للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - المذهب الطبيعي في الأخلاق، وسمي طبيعيًا لأن أصحابه يحددون معنى الخير بمفهوم طبيعي -حسب قولهم- فكل ما يؤدي إلى لذة أو منفعة للناس فهو خير (١)، ومن هذا المذهب انبثقت الفلسفة المعاصرة المسماة بـ "البرجماتية" (٢)، والتي أثرت في الأخلاق والسياسة وعظم تأثيرها في السلوك السياسي المعاصر وخاصة في أمريكا التي تقوم سياستها على البرجماتية، أي الذرائعية، ويتبعها في ذلك -تقليدًا وانهزامًا- كثير من الدائرين في فلكها، فالأخلاق عند البرجماتيين هي التي تكون لها نتائج طيبة، وهي التي توصل إلى المراد، بغض النظر عن نوعية هذه الأخلاق، وقد تأثرت هذه الفلسفة البرجماتية الأمريكية بنظريات أحد أعلام البرجماتية (٣) الذي كان بدوره متأثرًا بنظرية داروين؛ ولذلك كانت بهذه المثابة من المادية، وعدم الثبات، فالمعيار عندهم للحقيقة والخلق والقيم هو نجاح الأفكار والوصول إلى الأهداف، بل وصف هذا البرغماتي المؤسس العمل الصادق بأنه المفيد (٤).

وعلى هذا فلا إيمان عند البرجماتيين بأخلاق ولا قيم، بل هي عندهم نسبية وغير ثابتة، ومقياس نجاح كل شيء الوصول إلى نتيجة.

وتوجه الغرب بقيادة أمريكا اليوم إلى هذه الفلسفة بكليته، وأقام


(١) انظر: المعجم الفلسفي لعبد المنعم الحنفي: ص ٣١.
(٢) البرجماتية: مذهب فلسفي، يقيس صدف القضية بنتائجها العملية، فليس هنالك معرفة أولية في العقل تستنبط منها نتائج صحيحة، بغض النظر عن جانبها التطبيقي بل الأمر كله مرهون بنتائج التجربة الفعلية العملية التي تحل للإنسان مشكلاته، ولما كان تقدم العلم يغير -عندهم- من صدق القضايا، فالصالح في ظروف سابقة يصبح غير صالح في الظروف الراهنة كان "الحق" أمرًا نسبيًا يقاس إلى زمن معين ومكان معين ومرحلة من التقدم العلمي معينة، وأشهر أعلام البرجماتية تشاركس بيرس، ووليام جيمس وجون ديوي وفرديناد شيلر. انظر: الموسوعة العربية الميسرة ١/ ٣٣٥، ٨٤١، والمعجم الفلسفي: ص ٣٢، والموسوعة الفلسفية للحفني: ص ٩٣ مدخل إلى الفلسفة المعاصرة: ص ٨٥ - ١٣٠.
(٣) هو جون ديوي. انظر: الموسوعة العربية الميسرة ١/ ٨٤١ - ٨٤٢.
(٤) انظر: المعجم الفلسفي: ص ٩٣. والمقصود جون ديوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>