للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكتاب كله مليء بالشواهد والأمثلة الكثيرة على أنواع اللواط وزنا المحارم والشذوذ والدعارة والانحراف عند الكتاب والأدباء والروائيين والشعراء الغربيين التي حكوها أو مارسوها.

ولم نذهب مع كولن ولسن في دراسته لروايات وكتب الآخرين؟ وروايته "ضياع في سوهو" أكبر شاهد على مقدار الانحلال والفوضى الخلقية، سواء في الجانب التأليفي الكتابي الإبداعي -كما يحلو لهم أن يقولوا- أو في الجانب الواقعي حيث يصف ولسن حي سوهو الشهير في لندن، والذي قال عنه: (كان حي سوهو قد خيب أملي، كنت أتوقع أن أجد فيه نوعًا مثاليًا من حرية الروح) (١).

هذا الحي الذي خيب الأمل الوجودي لدى ولسن، أي أنه لم يجد فيه الأشباع كما كان يطمح، وصفه في روايته ضياع في سوهو أدق ما يكون الوصف، الحياة الشهوانية الحيوانية في صورة حقيقية دقيقة واضحة، ووصف التشرد والضياع والتفاهة والعربدة والشذوذ والإجرام والإباحية الجنسية، وغير ذلك من الحياة التي يعيشها أهل سوهو، حيث تمثل هذه الرواية وهذا الحي الصورة الصارخة عن الحياة الغربية، المرآة العاكسة للموت الإنساني والضياع البشري، للأجساد الهائمة عطشًا في أودية الجنس كل أنواع الجنس، أجساد صارخة بالشهوة والشهوة فقط، نموذج للحرية الفرويدية ولانسحاق الأخلاق والقيم والانسلاخ من كل إنسانية لأجل الوصول إلى لا شيء. . .، لا عقيدة ولا خلق ولا ضوابط ولا قيم ولا حتى تقاليد متوارثة عن الأقدمين، لا طموح ولا آفاق ولا أشواق ولا أهمية، سوى تلك الآفاق الجنونية التي تتسلل إلى أدمغتهم من خلال سجائر الأفيون.

الرواية شاهد موت للإنسانية في الغرب، ودليل عدمه واضمحلاله


= مثل يوليس وبئر الوحدة، ولوليتا وعشيق الليدي شاترلي التي اقتبس من انتشارها أنهم على استعداد لتقبل النظرة القائلة بأن العملية الجنسية الواردة في هذه الكتب ليست غير طبيعية كلية، ثم يذكر بعد ذلك الرواية الجنسية العلقم وما بعد لانجوس ولسون.
(١) رحلة نحو البداية: ص ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>