للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطاقة إلى الجماهير، أعني أن المرأة في شعرك "مضافة" تزوقها كل مرة بما يرضي أذواق الضيوف ويخدرهم -أجاب قائلًا-. . . المرأة هي الآن عندي أرض ثورية، ووسيلة من وسائل التحرر، إنني أربط قضيتها بحرب التحرر الاجتماعي التي يخوضها العالم العربي اليوم، إنني أكتب اليوم لأنقذها من أضراس الخليفة، وأظافر رجال القبيلة، إنني أريد أن أنهي حالة المرأة الوليمة، أو المرأة "المنسف" وأحررها من سيف عنترة وأبي زيد الهلالي.

ما لم نكف عن اعتبار جسد المرأة "منسفًا" تغوص فيه أصابعنا وشهواتنا، وما لم نكف عن اعتبار جسدها جدارًا نجرب عليه شهامتنا، ورصاص مسدساتنا، فلا تحرير إطلاقًا، إن الجنس هو صداعنا الكبير في هذه المنطقة، وهو القياس البدائي لكل أخلاقياتنا التي حملناها معنا من الصحراء، يجب أن يعود للجنس حجمه الطبيعي، وأن لا نضخمه بشكل يحوله إلى غول أو عنقاء، الكائنات كلها تلعب لعبة الجنس بمنتهى الطهارة، والأسماك والأرانب والأزاهير والعصافير وشرانق الحرير والأمواج والغيوم كلها تمارس طقوس الجنس بعفوية شفافة، إلّا نحن فقد اعتبرناه طفلًا غير شرعي، وطردناه من مدننا، وجردناه من حقوقه المدنية) (١).

هذا النص لوحده يناقض أوله آخره تناقضًا صريحًا فهو يزعم بأنه لا ينظر إلى المرأة باعتبارها مجرد جسد، ثم ينادي بتطبيع الجنس وجعل الممارسة الجنسية المفتوحة متاحة كما تحصل بين الأسماك والأرانب والطيور، وهو ينادي بإنقاذ المرأة -حسب زعمه- من أضراس الخليفة وأظافر رجال القبيلة، ولكن إلى أين؟ إلى الدعارة الفاضحة والنهش المتاح لكل ناب وسن، وهو القائل: (أنا رجل يرفض أن يلعب الحب خلف الكواليس، ولذلك نقلت سريري إلى الهواء الطلق) (٢)، والقائل: (أرى أن فكرة العيب والشرف والعرض تقيم حصارًا طرواديًا حول الجنس الثاني. . .) (٣)، والقائل: (إن


(١) المصدر السابق: ص ١٨٠.
(٢) المصدر السابق: ص ١٨١.
(٣) المصدر السابق: ص ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>