للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أساس ماركسي أو وجودي أو سوريالي (١).

ثم عرج بعد ذلك على الثورة الحداثية في أي صورة من صورها المذهبية، ثم شرح مضمون هذه الثورة قائلًا: (. . . إن الثورة حين تعتمد التحطيم ترتبط بالإخافة لمن لا يقدرون على تصور كل نتائجها، وهؤلاء يخشون إلى درجة الرعب انهيار سلطة الأب، وتفكك نظام العائلة، وبالتالي تقشعر نفوسهم من التحدي للسماء، ذلك أن إنسانية الإنسان -دون أي شيء آخر- تعني فيما تعنيه إشاحة الوجه عن كل ما هو وراء الغيب، وهذه سمة بارزة في الشعر الحديث، ولا يخفف من وقعها أن نحتال لها بالتفسيرات والتوجيهات) (٢).

هذا النص الذي كتبه الناقد الحداثي يؤكد ما سبق ذكره من أن انحرافهم الاعتقادي وتحديهم للدين وجحدهم للغيب هو أساس مواقفهم العملية في القضايا الاجتماعية.

لقد أصبح تفكيك المجتمع وانهياره حلمًا من أحلام أهل هذه الملة؛ ليتحقق لهم غرس أمراضهم في الأجزاء المفككة دون مقاومة.

وممن صرح بذلك كاهن الحداثة النصيري أدونيس حين تحدث عن معروف الرصافي (٣) باعتباره أبًا للحداثة، واتخذ أقواله المنحرفة جسرًا يعبر من خلالها عن آرائه، كما اتخذ جبران من قبل لهذا الغرض، يقول أدونيس: (إن قراءة الرصافي تكشف لنا عن شخص يدهشه واقع العلم على صعيد التغير والتطور. . . يبدو لنا، في هذه القراءة أنه يتبنى من حيث الموقف الفكري، العلم ومنجزاته بحماسة من يفضل الحاضر والمستقبل، على الماضي، وأن الماضي لا يمثل الكمال، وليس أسطورة أو رمزًا يحرك الطاقة النفسية ويوجهها، كذلك يبدو، تبعًا لذلك، أنه لا يريد أن يحافظ على بنية النظام الاجتماعي، بل يحلم، على العكس، بتفككه


(١) انظر: المصدر السابق: ص ١٥٦ - ١٥٧.
(٢) المصدر السابق: ص ١٥٨.
(٣) سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>