للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله كلام مكرر بعبارات متقعرة يحاول بها إثبات شمولية ما يسميه الفعل الحداثي، وخاصة في كتابه "الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاته"، الذي حشده بأقوال كهنة المعبد الحداثي في هذا الصدد (١).

- أمَّا محمد أركون فيطلق فقاعاته اللفظية المعهودة فيقول: (. . . الحداثة تتجاوز المجال العربي والإسلامي لكي تخص كل شعوب الأرض أنها ظاهرة كونية) (٢).

ويطرح الجبرية الحداثية باعتبارها أمرًا مفروغًا منه، لا فكاك من الأخذ بها والانطلاق من ساحتها، يقول ذلك في يقينية شمولية تقديسية تعسفية، يقول: (. . . إننا مجبرون منهجيًا على الانطلاق من ساحة الحداثة العقلية والفكرية؛ لأن الحداثة أضافت مشاكل جديدة لم تكن تطرح سابقًا، وافتتحت منهجيات جديدة تتيح لنا توسيع حقل المعرفة دون إدخال يقينيات دوغمائية، تعسفية، هذا هو الشئ الجديد فعلًا، وهنا يكمن جوهر الحداثة) (٣).

وغير خاف على كل ذي عقل أن كل صاحب عقيدة أو فكرة أو ملة يستطيع أن يصف عقيدته وفكرته وملته بهذا الوصف، ما دام أن القضية في ميدان الادعاء والدحض العرية من أي برهان، وعلى هذا فجوهر الحداثة حسب كلام أركون ليس جوهرًا بل مجرد دحروجة نتنة فرح بها الجعلان فراحوا يدحرجونها بأفواههم.

- أمَّا البياتي فإنه يعبر عن هذه الديانة الجديدة تعبيرًا رمزيًا، يخاطب فيه الأتباع المحاكين بصورة أولية، ثم يخاطب غيرهم بصورة ثانوية، وهو في هذا الخطاب يظهر في قالب فرعوني مستكبر، متعالٍ متغطرس، كما يفعل أدونيس وقباني، يقول البياتي تحت عنوان "الشعر يتحدى":


(١) انظر: الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاته لمحمد بنيس: ص ١٢ - ٢١، ٣٣ - ٣٨، ٤٧ - ٥٦.
(٢) الإسلام والحداثة: ص ٣٥٤.
(٣) المصدر السابق: ص ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>