وأصبح الأخذ بالظنة والمعاقبة بمجرد التهمة من الأعمال العادية التي تمارسها هذه الأنظمة المستبدة، ويكفي تقرير سري من مخبر ليكون سببًا في فصل الإنسان من عمله والتضييق عليه في رزقه أو سجنه، أو حتى قتله، ضمانًا لاستمرار النظام من المؤامرات السرية!!، وكم شهدت المعتقلات والمشانق وصحارى الثلج في سيبريا من إرهاب وظلم طال ملايين البشر، ووصلت آثاره إلى سائر طبقات الشعب الذي لم يبق له من شعور سوى شعوره بالظلم والهوان والحرمان.
أراد هذا النظام زيادة الإنتاج من خلال نزع الفردية، ومن خلال القوة والإكراه، فكانت النتيجة أن تردى الإنتاج كيفًا وكمًا.
وحين اكتشف الشيوعيون ذلك حاولوا علاج المشكلة بتمليك الفلاحين جزءًا من المحاصيل لأنفسهم والدار التي يسكنونها وأدواتها وأثاثها، وفي هذا تراجع صريح عن مبادئ الشيوعية التي لم تستطع بكل وسائل القهر أن تجعل الملكية الجماعية بديلًا للملكية الفردية ذات الخاصية التحفيزية الفطرية في نفس كل إنسان.
أمَّا زعمهم في إنشاء مجتمع غير طبقي بإلغاء جميع الطبقات سوى طبقة العمال "البروليتاريا" فقد نجحوا في إلغاء طبقة الإقطاعيين والأثرياء، وجعل الجميع فقراء، لقد أنجزوا إنجازًا ضخمًا حين جعلوا الغني فقيرًا والفقير أشد فقرًا!!، والطبقة التي برزت من بين هؤلاء جميعًا هي طبقة "الحزب" التي تتكون من عدة طبقات أعلاها اللجنة المركزية، وأدناها العضوية العادية، هذه الطبقة امتلكت جميع مميزات الطبقات الاقطاعية، سواء في الامتلاك أو في نوع المعيشة أو في النفوذ والسلطان.
فالشعب يعيش حياة الكدح والفقر، في مساكن جماعية ودورات مياه مشتركة، وحياة مادية ضئيلة النفقات، مرصودة الحركات، في حين أن عضو الحزب يتمتع بالسكنى المتميزة والنفقات المتميزة والنفوذ والحماية، وكلما ترقت درجته الحزبية زادت امتيازاته.