للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان الشعب الروسي -مثلًا- يتكون من مئتين وستين مليونًا من البشر، والحزب الشيوعي يتكون من خمسة ملايين، فإن معنى ذلك أن هذه الملا يين الخمسة هي الطبقة المتميزة المحظوظة -على درجات مقعالية من الحضوة والحظ- أمّا البقية فإنها ليست سوى مجموعة من القطع البشرية التي لا وزن لها ولا قيمة ولا كيان، تعيش تحت طائلة النظم العسكرية الحديدية التجسسية، التي بلغت من السوء والبشاعة والاستخفاف بالإنسان ما يكاد يعد من الخيال.

ومع ذلك تسمع التشدق بحقوق الإنسان ورفعة الإنسان في ظل الأنظمة الماركسية، ويزيدون الطين بلة حين يزعمون أنهم يمثلون "الديمقراطية" الحقيقية (١)، وأنهم يدافعون عن الطبقات الكادحة والشعوب المضطهدة!!.

لقد كدح الفقراء تحت حكم الماركسية أشد الكدح ونالوا أقل الجزاء، في حين استمتع غيرهم "بفائض القيمة" لأنهم من الحزب الوحيد الحاكم الذين ينال أفراده كل أسباب الرفاه والمتعة من عرق الكادحيين، يسكنون القصور، ويأكلون الأطايب ويعالجون بالأدوية المستوردة، ويتنقلون في السيارات الفارهة، أمّا طبقة العمال والكادحين فيسكنون الأكواخ أو المجمعات السكنية البئيسة، ويأكلون ويشربون الأردى ومن خلال القطّارة الحزبية، ويعالجون بالأدوية المحلية الرديئة ويتنقلون في سيارات النقل العام ويعملون كالآلات ثم يعودون إلى الغرق في حماة الخمر والجنس.

على أن أبشع أوجه البشاعة في هذه الأنظمة الشيوعية المستبدة أنه لا يستطيع أحد أن يقول كلمة نقد واحدة في الزعيم أو في الحزب أو في النظام، فمن فعل ذلك فله الويل والثبور، والقتل أيسر السبل للتخلص من هذا العنصر الشوير!! ولا يضاهي ذلك عندهم إلَّا أن يضبط أحدهم متلبسًا بالدين!!.


(١) لا يعني هذا الإقرار بالديمقراطية فهو صورة أخرى عن التلاعب بالبشر ولكن بصورة مسرحية أكثر إتقانًا من المسرحية الماركسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>