وكم أهلكوا من الشعوب المسلمة في سيبريا، بسبب إسلامهم، وقد قتل ستالين في عهده ثلاثة ملايين ونصف من المسلمين لما طالبوا بحرية ممارسة حياتهم الإسلامية.
ومع كل هذه الحقائق الواقعة والثابتة والتي شهد بها من عايش الشيوعية ومارسها، ونشأ في أجوائها وتقلب في بلدانها (١)، إلَّا أننا نجد أن أتباع الماركسية والاشتراكية من الحداثيين يدافعون عنها ويكذبون الحقائق ويدعمون الأباطيل، يتغنون برموز الظلم والفساد والانحراف، ويتباهون بالتقدمية الماركسية التي هي عين الانحطاط والهوان، ويتشدقون بالعدالة والحرية التي لا وجود لها أصلًا في واقع أي بلد حكمته الشيوعية، وعندما كانت الشيوعية في أوج طغيانها وظلمها وفسادها، وخاصة في حقبة الستينات والسبعينات الميلادية كان أتابعهم من أبناء البلاد الإسلامية في أوج نشاطهم اليساري، ونضالهم الشيوعي حتى لا تكاد تجد حداثيًا شهيرًا إلا وهو ينتسب إلى الزمرة الماركسية أو يحوم حولها في فلك اليسارية الذي دارت فيه الأحزاب القومية كالناصرية والبعثية، وحركة القوميين العرب، التي أخذت من الماركسية البشعة أبشع وأخبث ما فيها، وبقي القوم يلهثون في هذا المضمار، ويتنافسون في إظهار شيوعيتهم أو يساريتهم، ويتسابقون إلى الغوص في المستنقع المادي الماركسي الاشتراكي الدنس، وإذا أراد أحدهم أن يظهر في رداء العالمية، أو تطلع أن يوصف بالتقدمية استخدم الأسماء والرموز والمضامين الماركسية في تقديس كامل، وتحدث عنها بإجلال وإكبار وتمجيد ومدح مفرط.
وبقوا على هذا المنوال حتى انكشفت عورات الماركسية للعالم كله، وانفك الطوق الحديدي، وانقشع الغبار الدعائي، وبدأ العمال -الذين جاءت الشيوعية باسمهم ولأجلهم- يظهرون تذمرهم وغضبهم على الأنظمة الماركسية، بالتظاهرات والإضرابات، ومن البدايات التي حصلت في هذا
(١) انظر: المراجع الشاهدة بذلك في هامش رقم ١: ص ٢١٥٢ من هذا البحث.