للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السياق اضطرابات عمال بولندا عام ١٤٠٠ هـ/ ١٩٨٠ م التي تواصلت في صراعها ضد النظام الماركسي حتى قامت الانتخابات الحرة في ١٤٠٩ هـ/ ١٩٨٩ م التي أنهت الحكم الشيوعي الذي دام خمسًا وأربعين سنة (١).

وفي هذه الحقبة تولى ميخائيل غورباتشوف حكم روسيا في عام ١٤٠٥ هـ/ ١٩٨٥ م وكان البنيان الشيوعي قد ظهر تصدعه فأراد إعادة البناء وسعى لترميم الجدران المتهالكة وأدخل تعديلات جذرية تمس الأصول الاعتقادية الماركسية، وانتقد الممارسات والخلفيات الفكرية الماركسية، ودعا إلى إدخال إضافات جديدة في النظام الاقتصادي وأسلوب الحكم، فكانت "البيروسترويكا" أو إعادة البناء التي أطلقها غورباتشوف هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد انهدم البناء، وتداعت أركانه وتفكك الاتحاد السوفيتي في ٦ سبتمبر ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ (٢)، وأعلنت الجمهوريات التي كانت منضوية تحته الاستقلال الكامل عنه، وتسابقت بما فيها روسيا الاتحادية إلى الانضواء تحت الرداء المادي الآخر رداء الديمقراطية الغربية، وتحول أبناء الماركسية الذين عاشوا في أحضانها ونشأوا على أفكارها، تحولوا إلى النظرية المعاكسة تمامًا، وراحوا يلعنون ويشتمون الشيوعية ويكشفون عيوبها، ويظهرون للعالم كله الحقائق التي كانت تغطيها الدعاية السوفيتية بأغاليطها وأكاذيبها، وبدأت تنهار الأنظمة الماركسية في البلدان الأخرى، واحدة تلو الأخرى، وما إن أحس الناس وخاصة العمال والكادحين بخفة ضغط الطوق الحديدي حتى ثاروا وانتقموا، ومن أظهر الأمثلة على ذلك ما حدث في رومانيا وإثيوبيا وألمانيا.

وكان اليساريون العرب في بداية الأمر يفركون عيونهم غير مصدقين، أو غير مريدين التصديق لأنهم يرون ويسمعون دوي انهيارات الدين الذي طالما اعتنقوه.


(١) انظر: كتاب المعلومات ١٩٩٤ - ١٩٩٥ م: ص ١٩٤.
(٢) انظر: المصدر السابق: ص ٢٩٤ - ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>