للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهجوا بالديمقراطية لهج الوثني بصنمه، واعتبروها المنقذ الوحيد لكل آلام البشرية وأدوائها.

هذه الكلمة التي اعتبووها بلسمًا لكل داء، وشفاء لكل مرض، وطريقًا لأي تقدم.

"الديمقراطية" كلمة مشتقة من لفظتين يونانيتين هما "الشعب" و"السلطة" ومعناها طريقة الحكم الذي تكون فيه السلطة للشعب بحيث يكون الشعب هو الرقيب والمشرع بواسطة نوابه، وتعتبر الرأسمالية بتفرعاتها العديدة الوجه الاقتصادي للديمقراطية الليبرالية، كما أن الديمقراطية الليبرالية هي الوجه السياسي للرأسمالية.

وقد أخذ الغرب هذا النمط من الإغريق، بعد أن عاش ما يزيد عن ألف عام في ظل الامبراطورية الرومانية والقانون الروماني المتسم بالإقطاعية والظلم الذي تؤيده الكنيسة (١) ويحميه رجال الدين، حيث لم يكن للناس مع الإقطاعيين الذين يسمون النبلاء والأشراف ورجال الدين أي وجود إنساني إلَّا كونهم مجموعة من القطع الآدمية اللاصقة بالتراب حيث لا حقوق لهم ولا كرامة، ولا منزلة، وعليهم كل الواجبات والعقوبات.

وفي أجواء هذه المظالم انفجرت الثورة الفرنسية، التي قامت على فلسفة وتراث الإغريق والرومان، حيث ارتدت إلى الوراء تبحث عن شيء يحل مشكلاتها وينظم حياتها بديلًا عن الإقطاع والدين، فوقع اختيارهم على "الديموقراطية" حيث تكون الطبقة المسحوقة "طبقة الشعب" هي الطبقة الثائرة التي تسعى إلى المشاركة في الحكم والسلطان، ويتحول المال من الإقطاعيين ليصبح رأسمالٍ في أيدي الطبقة الجديدة، "الطبقة الرأسمالية" التي بدأت تزدهر بعد تحول الإنتاج من القطاع الزراعي إلى القطاع الصناعي بعد اختراع الآلة، وكانت هذه الطبقة الجديدة هي الأداة المناسبة في الثورة الجديدة التي بدأت بالثورة الفرنسية تحت الشعارات التي وضعتها الماسونية


(١) سبق تفصيل هذا في الفصل الأول من الباب الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>