اليهودية لهذه الثورة وهي "الحرية والإخاء والمساواة" ليتحقق لليهود ما يطمحون إليه من مآرب.
وبعد نضال طويل بين الديمقراطية والأوضاع السابقة لها استمر قرابة قرن من الزمن استقرت الديمقراطية على شكلها الراهن في أوروبا وأمريكا.
وبناء على التفاعلات الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في أوروبا ظهرت الديمقراطية، فهي إذن نبتة ملائمة للطينة الأوروبية، متفاعلة مع أجواء أوروبا، مرتوية من مائها، ضاربة الجذور إلى اليونان.
وحين استقرت الديمقراطية على شكلها الراهن تمحورت حول قضيتين، الأولى: إشراف الشعب على أعمال الحكومة، بحيث تكون له الرقابة الكاملة على تصرفاتها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والتربوية. الثانية: إعطاء الشعب كل حقوقه، ومنحه الحرية في الأعمال والتصرفات ومنح كل فرد هذا الحق ما دام "مواطنًا".
وكلمة مواطن ومعناها الراهن من المصطلحات التي استحدثتها الديمقراطية، تحت الشعار العلماني "الدين للَّه والوطن للجميع" فأصبح المواطنون جميعًا متساويين -نظريًا- في جميع الحقوق والواجبات.
وكان من هذه الحقوق حق التنقل بحرية، وحق العمل المقرر نظريًا، والمعاق عمليًا بكثرة العاطلين والمتشردين ومحترفي اللصوصية والإجرام والمخدرات، وحق العمل هذا -رغم قوانينه العادلة نظريًا- بعيد عن الأسس الإنسانية والأخلاقية؛ لأنه إنَّما قام للقضاء على الأوضاع الإقطاعية ولتحقيق أكبر قدر من الربح بأي وسيلة من الوسائل، وأقربها وأيسرها، تطويل ساعات العمل وخفض الأجور، وطرد العامل من عمله إذا لم يقم بالعمل المطلوب منه.
ولذلك قامت النقابات العمالية، ثم استعملت الإضراب وسيلة للحد من جشع الرأسماليين، الذين يلجأون بدورهم إلى جيوش العاطلين لتشغيلهم بأجور زهيدة مستغلين حاجتهم وفقرهم، ثم لجأوا إلى تشغيل المرأة بنصف أجر الرجل، وعلى إثر ذلك حدث للمرأة ما حدث من اختلاط وضياع