للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشرع الحقيقي في الديمقراطية الليبرالية كما في أي جاهلية لا تحكم بشرع اللَّه: هم البشر، ثم هم طبقة معينة من هؤلاء البشر، لهم مصالح معينة ومطامع معينة وأهواء عديدة، لا تتحقق بصورتها التي يريدونها إلَّا على حساب الآخرين.

الحاكم الحقيقي في الديمقراطية الليبرالية هو "الرأسمالية" التي بيدها زمام التحكم في كل شيء فهي تملك وتحكم وتشرع وتنفذ، وإن كان الحكم والتشريع في المؤلفات النظرية والدعاية الإعلامية هو "الشعب". "الرأسمالية" التي يتحكم في زمامها اليهود عباد الذهب والمال، هي التي تدير مسرحية "الديمقراطية" هي "المشرع" الحقيقي، هي التي تضع التشريعات للمحافظة على مصالحها، على حساب مصالح الناس الذين خدعوا بالشعارات، وانساقوا بعد عملية التلاعب بأفهامهم وعقولهم في هذا الميدان مصفقين مبتهجين كما قال الشاعر:

(هي الشاة تتبع جزارها … وتنسى ببرسيمه ثارها

تباع وتشرى من الذابحين … وتجهل في البيع أسعارها

يجرجرها الحبل في عنقها … الذليل فتحسبه غارها

ترى مدية الذبح مصقولة … تضيء فتكبر أنوارها) (١)

حقيقة أن الرأسماليين في الغرب هم السادة والمشرعون والمنفذون لا يكاد يجهلها أحد، والشعب "العبيد" يعلم ذلك، ولكن هذه الحقيقة صيغت لهيم بصورة مخادعة، حتى أصبحت أمرًا مسلمًا به لا نكير فيه، ولا مخالف له، إلّا أقل القليل من العقلاء الأحرار الذين لا أثر لهم ولا صوت.

لقد استخف أصحاب الأموال "الرأسماليون" من اليهود وغيرهم بالناس فأطاعوهم فاستعبدوهم كما أخبر اللَّه تعالى عن فرعون وقومه: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٥٤)} (٢).


(١) ديوان الزبيري: ص ١٠٢.
(٢) الآية ٥٤ من سورة الزخرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>